فؤاد الوادي :
منذ بداية الحرب الإرهابية على الشعب السوري، كان واضحاً للجميع أن الهدف الرئيس من تلك الحرب هو استهداف ثوابت السوريين ومبادئهم وقيمهم الوطنية والإنسانية والحضارية، فكان الاستشراس وحشياً في تقطيع أوصال الوطن جغرافياً وديموغرافياً وإنسانياً وحضارياً، بغية إضعافه وتحويله إلى دمية وأداة طيعة بيد الولايات المتحدة والغرب الاستعماري والكيان الصهيوني لخدمة وتنفيذ مشاريعهم الاحتلالية والاستعمارية في المنطقة والعالم.
لكن الذي حصل كان أكثر من مفاجىء لكل أطراف منظومة الإرهاب وأدواتها، حيث كان دفاع السوريين عن أرضهم مدهشاً ومعجزاً وباعتراف الأعداء قبل الأصدقاء، وإلى الدرجة التي أصبحت فيها الحالة السورية أنموذجاً حياً للبطولة والكفاح والنضال ضد الغزاة والمحتلين.
لقد تصدى السوريون لوحوش الإرهاب بكل بسالة وشجاعة، وبذلوا دماءهم رخيصة للحفاظ على وحدتهم وأرضهم وكرامتهم ومصيرهم المشترك، تحت عنوان الدفاع عن الثوابت والمبادئ التي باتت خطاً أحمر يمنع تجاوزه أو حتى الاقتراب منه، بما يجسد ويحاكي اليقين المتجذر في إيمانهم بوحدة أرضهم التي رووها بدماء أبنائهم الطاهرة.
السيد الرئيس بشار الأسد أشار إلى هذه الحقيقة، خلال مقابلته مع قناة “روسيا اليوم” مؤخرا، عندما قال في معرض رده على سؤال، (بأن هناك قوىً تعمل تحت سلطة الأمريكي بالنيابة عنه ضد وحدة المجتمع السوري، ردة الفعل الطبيعية ستكون في هذه الحالة – وهذا شيء أصبحنا نراه في تلك المناطق في المناطق الشرقية- هي أنّ الأغلبية العظمى من المواطنين لا يقبلون بالانحرافات تجاه المحتل والخيانة).
انطلاقاً من هذه الحقيقة، حقيقة يقين وإيمان السوريين بوحدة ترابهم، يمكن على الفور فهم أبعاد وغايات استشراس منظومة الإرهاب برمتها، لاسيما الولايات المتحدة و النظام التركي في تقطيع أوصال الأرض السورية والعبث بحقائق الجغرافيا والتاريخ كمدخل لإضعاف وإفشال الدولة السورية ومواصلة نهب خيرات وثروات الشعب السوري الذي لطالما حذر من المساس بوحدة أرضه وترابه، ولعل المقاومة الشعبية التي بدأت توجع المحتلين في الشمال السوري، تعكس وتؤكد إرادة وقرار وخيار جميع السوريين في هذا الأمر.
بحكم حقائق الجغرافيا، لا يمكن للسوريين أن يقبلوا بتقسيم أرضهم ولا حتى باحتلال أو قضم جزء منها، تحت أي ذريعة أو مبرر، وهذه حقيقة عليهم أن يسألوا التاريخ عنها، حيث لا تزال الذاكرة زاخرة بحكايا وصور البطولة والفداء دفاعاً عن الأرض والكرامة والهوية والانتماء، لاتزال الذاكرة حية حتى اللحظة بمشاهد العار والخذلان والهزيمة التي خلفها الغزاة والمستعمرين على مر التاريخ وإلى يومنا هذا.