التيه.. العربي

ثورة اون لاين: هكذا، ودون بطاقات دعوة سرية أو علنية، خاصة أو عامة، ودون أي «إرهاصات»، كما يكرر المثقفون الثوريون الحقيقيون أو الخلبيون في مضافاتهم ومقاهيهم ومع أدخنتهم المتطايرة,

ودون أدخنة بيضاء أو سوداء أو حتى رمادية سوى أدخنة الحرائق والناسفات، عصف ما قال الغرب أنه «ربيع».. وأغلبيتنا تصدق الغرب ولو عن عمى، عصف بمجتمعاتنا العربية ومنظوماتنا السياسية، فجعل أسفلها وسافلها أعلاها وعاليها، ونثر عصفنا في اتجاهات الأرض التي لم تعد أربعا وفق نظريات نيوتن وغاليليو، بل أربع وأربعون بعد ألف أو آلاف وفق مدارس الإفتاء الديني والمذهبي ومراكز التحليل السياسي، والكل يرقب ويسمع ويرى بأم العين ما يعتمل داخله وما يجري حوله… ثم يرخي شفته السفلى على آخرها!‏

وبصرف النظر عمن رآه ثورة وعمن رآه مؤامرة، فقد نكش ذلك الربيع فينا كأفراد ومجتمعات عربية كل مخبوء ومستتر ومموه، كشف لنا صورا ومشاهد تستحي الهمجيات البدائية للبشرية أمامها, وبث في أنوفنا روائح تبعث على الغثيان، لفرط عفونة ما أقام دهورا فينا دون أن يتحرك نحو شمس أو يترك شمسا تسطع عليه سواء في عقولنا أو في أخلاقنا، وعرانا أمام مرايا أنفسنا دون أستار أو مساحيق أو أقنعة، فرأينا ما لم نره من قبل، وما لم يخطر لنا يوما أن نراه مستوطناً في ذواتنا وصانعاً بشاعاتها، فأين كنا وكيف صرنا اليوم وإلى أين ذاهبون؟‏

فإذا كان هذا الربيع ثورة.. فأي من فلسفاتها وأفكارها ومنظوماتها الفكرية والأخلاقية المقروءة أو المجربة، ومن ثوارها ونضالاتهم وطلائعهم ونخبهم الثقافية.. أيقظ فينا كل هذا القدر من غرائز القتل والاستباحة ودفن الآخر حيا وهو نحن وليس آخر، وأشعل في دواخلنا كل هذا القدر من الغدر والحقد واللواعج المعجونة بالسم والصديد، وأي فلسفة أو فكر أو أخلاق تجعل من الشمشونية في هدم المعبد مثلا أعلى لنا.. وقد كنا من قبل نستحي ترديد «نحن ومن بعدنا الطوفان», فصرنا.. الطوفان علينا وعلى من بعدنا.‏

وإذا كان هذا الربيع مؤامرة، فأي تآمر ذاك الذي لم نتحاشاه ابتعادا أو تجاهلا أو مواجهة، بل تلبسناه تنفيذا وتطبيقا كأحسن ما يكون التنفيذ والتطبيق، وبأكثر مما حلم المتآمرون من بيننا أو من حولنا البعيد والقريب، وحتى صارت لنا مفاهيمنا الخاصة وبراءات الاختراع المسجلة بأسماء ولاءاتنا القبلية والمذهبية والوحشية والهمجية.. لنماذج إشعال الثورات وحياكة وتنفيذ المؤامرات على حد سواء, وما عادت أدبيات الثورة والثوار ولا أوصاف المؤامرة والمتآمرين على وجه البسيطة تاريخا وحاضرا، ولا فلسفاتها ومقاييسها ومعاييرها تضبط إيقاعنا النشاز وطبولنا الجوفاء ومعزوفاتنا المقززة.‏

هو أقل كثيرا من ثورة وأكبر كثيرا من مؤامرة.. وعرب اليوم أوضع كثيرا من ثوار وأكبر كثيرا من متآمرين.. إنهم عرب التيه بين الثورة والمؤامرة !!‏

آخر الأخبار
بالتعاون  مع "  NRC".. "تربية" حلب تنهي تأهيل مدرسة سليمان الخاطر مزايا متعددة لاتفاقية التعاون بين المركز القطري للصحافة ونادي الإعلاميين السوريين تعزيز التعاون السوري – الياباني في مجالات الإنذار المبكر وإدارة الكوارث   تطبيق السعر المعلن  تطبيقه يتطلب مشاركة التجار على مدى يومين ...دورة "مهارات النشر العالمي" في جامعة اللاذقية مشروع قرار أميركي في مجلس الأمن لرفع العقوبات عن الرئيس الشرع في “60 دقيقة.. الشرع يقدّم نموذج القيادة السورية: صراحة في المضمون وحنكة في الرد إعادة الممتلكات المصادرة  لأصحابها تعيد الثقة بين الحكومة والمواطنين افتتاح مشروع لرعاية أطفال التوحد ومتلازمة داون بمعرة مصرين "تموين حلب" تبحث ملفات خدمية مشتركة مع "آفاد" التركية من دمشق إلى أنقرة... طريق جديد للتعاون مشاركة سورية في حدث تكنولوجي عالمي بعد غياب لسنوات إعلام بريطاني: خطة ترامب هشة وكل شيء اختفى في غزة جائزة نوبل للسلام.. من السلام إلى الهيمنة السياسية هل يستطيع ترامب إحياء نظام مراقبة الأسلحة الاستراتيجية؟ منطقة تجارية حرة.. مباحثات لتعزيز التعاون التجاري بين سوريا وتركيا التنسيق السوري التركي.. ضرورة استراتيجية لمواجهة مشاريع التقسيم الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين في إطار تنفيذ اتفاق غزة بين دمشق وبرلين.. ملف ترحيل اللاجئين يعود إلى الواجهة الخارجية تفعّل خطتها لتطوير المكاتب القنصلية وتحسين الخدمة للمواطنين