«سعال» الخيبة الأميركية و«زكام» الفضائح…

ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير علي قاسم:
تفقد الأدراج الاستخباراتية وغرف العمليات السرية قدرتها على توطين الخرائط السياسية، وتبدي عجزاً واضحاً في رسم إحداثيات خطوط العرض والطول فيها،

بعد أن باتت الهزائم والخيبات والانكسارات عناوين بديلة وحاضرة في أكثر من مكان على امتداد ساحات المواجهة العالمية.. الساخنة منها والباردة.. المباشرة وغير المباشرة.‏

فالمنطقة التي كانت ساحة اختبار، تشهد احتراق المزيد من الأوراق الأميركية قبل استخدامها، وأحياناً قبل إخراجها للتداول، حيث باتت المقاربات الأميركية القائمة على الافتراض الاستخباراتي والإعلامي مجرد ظواهر خادعة لا يمكن التعويل عليها.‏

ولم تعد المفاضلة الأميركية تكتفي بالاستناد إلى الحوامل السياسية التي أسست لتفردها في قيادة العالم، كأساس للمعايرة بين مصالح الأطماع ومقتضيات الاسترسال في التلويح بالقوة، سواء لإيجاز الالتباس والتهويل في صناعة المنجز السياسي، أو للإسهاب في التغطية على مظاهر الفشل والخيبة وانكفاء المشاريع المعدة لاستلاب إرادة الشعوب وتطويعها وفقاً لما تقتضيه تلك المصالح.‏

ومن ثمّ، لم يعد مدهشاً ولا مفاجئاً أن نشهد انجرافاً موازياً على مستوى الأداء الدبلوماسي، مصحوباً بصخب وقصف تمهيدي على جبهات المواجهة المفتوحة من غرب الأرض إلى شرقها، وهي تحاول جاهدة أن تحاجج في الفراغ الاستراتيجي الناتج عن فشل سلطة الاستقواء، وتداعي المزيد من أوراق الحصانة السياسية للحلفاء، وهي تتدحرج على بساط الفضائح، ولا تجد الإدارة الأميركية من خيار سوى النفي والنفي المضاد!!‏

على هذه القاعدة يعود الاجترار الأميركي في الحديث عن التصعيد العسكري، نفياً أو تبريراً أو تلميحاً، إلى المربع الأول، ويتزامن مع تبادل الأدوار وتقاذف المسؤولية بين الخارجية الأميركية والبنتاغون، وتطفو على السطح حبكة من التباينات المنظمة والمعلبة بين مؤيد ومتحفظ ومعترض لإثارة ما يكفي من غبار المعارك المفتعلة داخل الكونغرس الأميركي.‏

فإذا كان هذا التباين حالة مستمرة ومتواصلة منذ أول مقاربة أميركية، علنية كانت أم سرية، لما يجري في المنطقة، فإنه في التوقيت لا يبرر حدود الانكفاء الواضح في تقديم ما يمكن التعويل عليه من أوراق تحاكي النهج الأميركي، والخيارات التي اختطتها الإدارة الأميركية لنفسها.‏

وحتى لا تكون المسألة مجرد جدل في فضاء افتراضي، جاءت بعض التجليات الناتجة وكأنها جزء من نسيج السياسة الأميركية الخارجة لتوها من المغالطات الكبرى، التي تتراكم انعكاساتها على الواقع العالمي وتتجمع ارتداداتها المباشرة في أكثر من اتجاه وعلى أكثر من صعيد.‏

وتكتمل حلقة التجاذبات بما ينتج من تسارع في وتيرة العودة المنظمة إلى الدفاتر القديمة، وهي ترسم خطوطاً وهمية في فضاء الهيمنة التقليدية التي لم يبق منها سوى أطلال تتحرك على هوامش النظام العالمي، فيما حالة التسليم بالعجز عن قيادة العالم تفسر الكثير من الاستطالات في تبعية الدول والأدوات والحلفاء على حد سواء.‏

فالفشل في تسويق التسوية على المسار الفلسطيني ليس وليد حالة من الخيبة المؤقتة، والعجز عن وقف مسلسل الفضائح سياسياً وإعلامياً و«كيماوياً» فيما يخص الحدث السوري والأصابع الأميركية التي توغل في تورطها المباشر، لم يعد خياراً تكتيكياً أو آنياً، بقدر ما يعبر عن مأزق في توجيه دفة القيادة العالمية لمشروع الهيمنة على النطاق الدولي، وهي تستنطق حالات من المداورة في الدبلوماسية العقيمة.‏

أميركا العائدة إلى المربع الأول من موقع الانكفاء تستدرج في عودتها إيقاظاً متعمداً لحالة الغثيان السياسي لكثير من أدواتها، وهي تلوك في الفضائح المتتالية وتسجل في دفاتر تبعيتها ما ينتابها من ذعر، بعد أن لمست أن المسكوت عنه أو المخبأ في أدراج الغرف المغلقة والأقبية السرية بات قيد التداول أو في طريقه إلى التداول، حيث سعال الهزائم الأميركية في الميدان وانكساراتها في السياسة وخيباتها بالدبلوماسية ترتسم إحداثياً زكام فضائح وظيفية في مشيخات ودول ودويلات احترفت تبعية الأميركي وأدمنت خدمة الإسرائيلي.‏

a.ka667@yahoo.com

آخر الأخبار
المغتربون السوريون يسجلون نجاحات في ألمانيا   تامر غزال.. أول سوري يترشح لبرلمان آوغسبورغ لاند محاور لإصلاح التعليم الطبي السوري محافظ حلب يبحث مع وفد ألماني دعم مشاريع التعافي المبكر والتنمية ابن مدينة حلب مرشحاً عن حزب الخضر الألماني خاص لـ "الثورة": السوري تامر غزال يكتب التاريخ في بافاريا.. "أنا الحلبي وابنكم في المغترب" سوريا تفتح نوافذ التعاون العربي عبر "معرض النسيج الدولي 2026"  رفع العقوبات إنجاز دبلوماسي يعيد لسوريا مكانتها ودورها الإقليمي دعماً للإعمار.. نقابة المهندسين تؤجل زيادة تكاليف البناء من التهميش إلى التأثير.. الدبلوماسية السورية تنتصر  متبرع يقدم جهازي "حاقن آلي" وتنفس اصطناعي لمستشفى الصنمين بدرعا  حملة شاملة لترحيل القمامة من مكب "عين العصافير"  بحلب بين دعم واشنطن وامتناع بكين.. الرحلة الاستراتيجية لسوريا بعد القرار "2799" ما بعد القرار "2799".. كيف قلب "مجلس الأمن" صفحة علاقة العالم مع سوريا؟  خبير اقتصادي ينبه من تداعيات التّحول إلى "الريعية"  قرار مجلس الأمن وفتح أبواب "البيت الأبيض".. تحول استراتيجي في الدبلوماسية السورية  كيف حول الرئيس الشرع رؤية واشنطن من فرض العقوبات إلى المطالبة برفعها؟ ٥ آلاف ميغا واط كهرباء تعزز الإنتاج وتحفز النمو  المعرض الدولي لقطع غيار السيارات.. رسالة نحو المنافسة باستخدام أحدث التقنيات   "صحة وضحكة" .. مبادرة توعوية لتعزيز النظافة الشخصية عند الأطفال من رماد الصراع إلى أفق المناخ.. فلسفة العودة السورية للمحافل الدولية