ليس رجماً بالغيب ما توقعنا حدوثه وحدث، عندما قلنا إن أميركا تجر القارة العجوز المعصوبة البصيرة المكبلة الإرادة إلى مصيدة الأزمات وحروب طويلة الأمد تستنزف من خلالها قدرات دولها وتهز اقتصاداتها وتستهدف أمن وسلامة شعوبها وتضرب بأسواط الارتهان قراراتها السيادية لتجلس هي على ناصية المشهد منتشية بالحرائق .
مجدداً خرج بايدن من قمقم سطوة واشنطن على غرب تابع، ليتباهى بتورم العربدة على منصات اجتماعات الناتو في مدريد، متوعداً بتمدد بقعة زيت الهيمنة و الوجود العسكري لبلاده بأوروبا وعسكرة الأجواء ، فالشيطان الأميركي يأبى إلا أن يكون حاضراً في كل تفاصيل الخراب العالمي.
بايدن رغم أدائه البهلواني على خشبة استعراض مخزون البلطجة الأميركية ،عالق في عنق زجاجة تنامي السخط الداخلي وفشل الرهانات على عزلة موسكو وتكبيل بكين ،إذ بات الاستياء جلياً بالداخل الأميركي من الطريقة التي تدير بها إدارته الملفات الداخلية والخارجية ، فالانتقادات اللاذعة لأدائه والاستياء من الرعونة في تعاطيه مع الملفات الدولية من دون إدراك تبعات العبث بأزرار الحروب والتغافل عن ارتداداتها ، باتت تحاصر بايدن من الأحزاب الأميركية حتى من حزبه الديمقراطي الذي وصفه بالبطة العرجاء الي تتعثر على مطبات السياسة والاقتصاد.
فبايدن الذي وعد شعبه بالرخاء وإعادة التوازن لعلاقات بلاده الدبلوماسية فتح بيديه صنبور الأزمات الاقتصادية وفاقم التضخم ووقع في حفر العته السياسي وأضاع في خضم اللهاث خلف سراب إقصاء بكين وحصار موسكو بوصلة الحكمة السياسية والاقتصادية .
بين الصين وروسيا يرمي بايدن سهام العداء فتصطدم بجدران أفول الهيمنة الأميركية وتتحطم على صخرة المتغيرات الدولية ،فالصين شريك تجاري أساسي لأوروبا والاقتصاد الصيني ركن مهم للاقتصاد الأمريكي ، وصمام أمان الاقتصاد الروسي تملكه موسكو.
ومن دخل دهاليز معتمة من ركود وتضخم بلغ أعلى مستوياته هي واشنطن ودول الغرب التابع لها وإن كابروا غطرسة فحالة الإفلاس والعجز باتت جلية حتى لمن في عينيه رمد أميركي .