التعليم الجيد هو التعليم الذي يهتم بكافة الجوانب، لهذا تركز الجامعات اليوم على جودة الأنظمة التعليمية نظراً لأهمية رأس المال البشري المعرفي في عملية التنمية المستدامة بما يمتلكه من مهارات وقدرات إبداعية.
إلا أنه وعلى الرغم من تغير النظرة نحو سياسة التعليم العالي في جامعتنا والمتعلقة بالجودة بما يعزز الوضع المعرفي والتنموي المستدام نجد انحرافاً غير مرضٍ على بعض مسارات الخط التعليمي، إذ أنه وبمجرد أن تنتشر الدروس الخصوصية والدورات الخاصة أو ما يسمى الجلسات الامتحانية الخاصة التي يعلن عنها بعض الدكاترة أو المعيدين في اختصاصات علمية مختلفة وخاصة في الكليات التطبيقية والهندسات، فإن ذلك عارضاً خفياً ودليلاً على وجود خلل في جودة التعليم.
مهما كانت الأسباب التي يتحدث عنها البعض وخاصة تلك المتعلقة بضعف رواتب وأجور الأساتذة الجامعيين، فإن ذلك غير مبرر لما يقوم به البعض من خفض نسب النجاح في المواد إلى أقل من 10% وهي نسبة متدنية يذهب ضحيتها عشرات الطلاب المهتمين بمستقبلهم، ويكون لها أثرها السلبي على مسيرة حياتهم الجامعية من جوانب اجتماعية ونفسية ومادية، وكذلك الأساليب المتعلقة بتدني علامات المذاكرات والعملي التي يصل بها الطلبة إلى نفس النتيجة والتي أصبحت أسلوباً معروفاً لدى بعض المعيدين والدكاترة. تدفع بالطلبة لأخذ الدروس الخصوصي، أو لتقديم الرشوة.
لعل قصة المناهج القديمة وعدم تطوير وسائل التعليم وغيرها من النواقص تأخذ دورها في تراجع جودة التعليم في غالبية الكليات والمعاهد، ثم تأتي شكاوى الطلاب المتكررة حول عدم الدقة في وضع النتائج والظلم بحقهم وعدم نزاهة التصحيح، فالأمر يصب بشكل مباشر في عدم جودة التعليم والاعتمادية التي طالما تحدث عنها المعنيين لرفع تصنيف الجامعات عالمياً.
أقل ما يمكن فعله في ظل الظروف الحالية أن يكون هناك تدقيق على هذا الموضوع من قبل إدارات الكليات والجامعات واتخاذ الإجراءات اللازمة بحق أي حالات خلل. فليس معقولاً أن تصل نسبة العلامات المتدنية في مذاكرات العملي إلى أكثر من 70% لدى طلاب باختصاصات هندسية مختلفة، وليس طبيعياً أن يتراجع 90% من الطلبة دفعة واحدة ليحصلوا على علامات مقاربة لعلامة النجاح لكن النتيجة هي الرسوب. وهي نسب بالأساس مخالفة لقانون تنظيم الجامعات.
طلاب يستحقون علامات النجاح إلا أنهم لم يحصلوا عليها وطلاب نجحوا وهم غير مستحقي النجاح، كما أن كثيراً من الأوراق مشابهة لهذا الأمر، تلك نقاط ضعف تحمل الكثير من المخاوف حول جودة التعليم وعدم عدالة المخرجات، وتحتاج إلى حزم وصرامة تتخذ من قبل رؤساء الجامعات لرصد واقع النتائج الامتحانية ومنع حدوث الظلم فيما يخص الأوراق الامتحانية وأوراق المذاكرات والتجاوزات، لما في ذلك من حفاظ على سمعة الجامعات ولما يحمله هذا الموضوع من حساسية كبيرة ومن تأثير في التصنيف العالمي.
السابق
التالي