” الاختيار اختبار “

 

(الاختيار) كلمة بسيطة من بضعة حروف، إلا أنها صعبة عندما تتعلق بين حروفها إرادتنا الحرة في الحياة لتحديد اختياراتنا، ومن ثم المسؤولية التي تترتب عليها إذ تضعنا في مفترق دروب تتشعب أمامنا، فننتقي منها ما نظن أنه الأفضل لنا.. ولكن.. ماذا لو أن الخيارات انغلقت، ولم يبق من مساراتها سوى ما هو إجباري لا يفسح مجالاً لغيره؟ فهل سنعتبره عندئذ قدراً، أم أن ما سبقه قد قاد إليه؟.

ونحن إذ نختار شريكاً للحياة، أو صديقاً مقرّباً، أو عملاً وظيفياً، أو اختصاصاً جامعياً، أو بلداً نهاجر إليه إنما نبحث عن سعادة تخبئ نفسها لكي نعثر عليها بين عددٍ من البدائل، ونحن نتساءل: ترى أيها هو الأفضل؟.. إلا أن من الأمور ما هو حاسم بحيث لا يفسح للتردد، أو للسؤال مجالاً، ويكاد القرار فيها يأخذ نفسه بنفسه وذلك عند الأسوياء من الناس.. ومقابل أقدار لا نملك أمامها اختياراً فهناك على الطرف المقابل مساحة واسعة لاختيارٍ صحيحٍ يصيب، ولا يخيب.

أما الاختيار الخاطئ سواء للأشخاص الذين نلتقيهم في حياتنا، أو للمواقف التي قد نتعرض لها فلا شك أنه يعزز التجربة، ويدفع إلى الوعي بمعايير أكثر دقة في مرات قادمة.. والأمر لا يقف عند هذه الحدود بل يتعداها إلى العمل الوظيفي، أو لاختيار المهنة المستقبلية، والحياة العائلية، والصداقات الشخصية، وكل ما هو من مفردات الحياة اليومية.. فالاختيار هو في حقيقته اختبار لقراراتنا كلها سواء منها ما كانت موفقة، أم غير صحيحة، ومتعثرة.

والمرء غالباً ما يتهيب اتخاذ القرارات الكبرى إذا ما كانت حتمية، أم مصيرية، أم في مواجهة المشكلات الصعبة.. لكن في النهاية هي تظل بين يديه ليرجّح قراراً على حساب آخر سعياً نحو حلٍ أمثل، وكلٌ بالتالي له تبعاته سلباً، أم إيجاباً.

وإذا كان اختيار القرارات، والمواقف في الحياة يجد صداه بما يتناسب وأهواء النفس فقد لا تكون المصائر أحياناً بما يتفق وتلك الأهواء ما لم يعي المرء ذاته ليدرك جيداً كيف سيحدد اختياراته، ودون أن يجبر نفسه على فعل ما لا يحب.. فإذا عثر على ذاته يكون قد عثر على ما هو صحيح من اختياراته بعد أن تأكد من نقاط ضعفه، ومواطن قوته، فلا يضطر لأن يختار اختصاصاً جامعياً مثلاً لا ينسجم مع إمكاناته، وقدراته، ولا أن يمارس عملاً لا يحبه، ولا أن يرتبط في علاقات أسرية مع شريك يتمنى الخلاص منه يوماً، ولا أن يهدم هرم صداقة لم يكن بناؤه في الأساس سليماً بحيث يتوافق مع أفكاره، ومشاعره.

أما النجاح في الحياة العملية، والأخرى العامة فهذا لا يتحقق ما لم يكن الاختيار في مبدأه صحيحاً، وبما يتفق مع الميول، والقناعات.. فإذا لم نحب ما نقوم به فقد نفشل، أو على الأقل لا يكون تقديرنا في مجاله جيداً مهما بُذلت في سبيله من جهود قد تكون ربما أكبر مما يقدمه الآخرون.

وها هو العصر الذي انفتحت فيه كل الفنون، والثقافات، والعلوم أيضاً على بعضها بعضاً قد أتاح بسهولة مجالات جديدة لا حصر لها للاختيار، وما عادت تلك الآفاق محدودة كما سابق عهودها.. فلو أراد أحدهم مثلاً أن يخرج من ثقافته الأم ليندمج في ثقافات أخرى لاستطاع ذلك، ولو أراد أن يمزج بين هذه وتلك لتحقق له الأمر بيسر وسهولة بفضل ما تتيحه الوسائل الحديثة للتواصل بين شعوب الأرض، ولو أراد أيضاً أن يبقي على ما هو عليه، ويكتفي بأن يسير بشكل طبيعي في مسار التطور لأمكنه ذلك، ودون أن يبكي فرصاً ضائعة لا تتكرر، أو أنها تأتي لمرة واحدة فقط.

ومادام الناس أهواء، وأذواق فيما يختارونه، ويرغبون به فكل ما هو ممكن يصبح متاحاً.. وبين ثابت ومتحول يقع القرار، كما يقع الاختيار.

* * *

آخر الأخبار
تقدم دبلوماسي بملف الكيميائي.. ترحيب بريطاني ودعم دولي لتعاون دمشق لقاء "الشرع" مع عمة والده  بدرعا.. لحظة عفوية بلمسة إنسانية  باراك يبحث الملف السوري مع  ترامب وروبيو  مبعوث ترامب يرحب بفتوى منع الثأر في سوريا   إغلاق مخيم الركبان... نهاية مأساة إنسانية وبداية لمرحلة جديدة  أهالي درعا يستقبلون رئيس الجمهورية بالورود والترحيب السيد الرئيس أحمد الشرع يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك في قصر الشعب بدمشق بحضورٍ شعبيٍّ واسعٍ الرئيس الشرع يتبادل تهاني عيد الأضحى المبارك مع عدد من الأهالي والمسؤولين في قصر الشعب بدمشق 40 بالمئة نسبة تخزين سدود اللاذقية.. تراجع كبير في المخصص للري.. وبرك مائية إسعافية عيد الأضحى في سوريا.. لم شمل الروح بعد سنوات الحرمان الدفاع المدني السوري.. استجابة شاملة لسلامة الأهالي خلال العيد دمشق منفتحة على التعاون مع "الطاقة الذرية" والوكالة مستعدة لتعاون نووي سلمي حركة تسوق نشطة في أسواق السويداء وانخفاض بأسعار السلع معوقات تواجه الواقع التربوي والتعليمي في السلمية وريفها افتتاح مخبز الكرامة 2 باللاذقية بطاقة إنتاجية تصل لعشرة أطنان يومياً قوانين التغيير.. هل تعزز جودة الحياة بالرضا والاستقرار..؟ المنتجات منتهية الصلاحية تحت المجهر... والمطالبة برقابة صارمة على الواردات الصين تدخل الاستثمار الصناعي في سوريا عبر عدرا وحسياء منغصات تعكر فرحة الأطفال والأهل بالعيد تسويق 564 طن قمح في درعا