في رحيل النحات عبد الله السيد

الثورة – أديب مخزوم:

كان النحات الراحل عبد اﻟﻠﻪ السيد ( 1941ـ 2022 ) يعبر عن أفكاره وهواجسه ومواقفه الفنية، من خلال أعماله النصبية المنحازة في أكثر الأحيان نحو الأجواء التعبيرية والفطرية والبدائية أحياناً المنفلتة من إطار القواعد الاتباعية السائدة في المحترف الأكاديمي. إلا أنه من جهة أخرى معاكسة كان يعيد إلى مشاهده جمالية الاستمتاع بتأملات خصائص القيم التشكيلية الأكثر واقعية، وهذا ما نلمسه في بعض أنصابه التذكارية، ومن ضمنها العمل النصبي البانورامي صلاح الدين الأيوب، الذي أنجزه بمساعدة النحات الراحل نزار علوش والنحات فؤاد طوبال. فنصب صلاح الدين الأيوبي يحاور العيون أمام مدخل قلعة دمشق ويستعيد ملامح كثيرة من مؤشرات التفاعل مع هذا الرمز البطولي المستمر عبر الأزمنة، وهو على الصعيد التشكيلي يعيد الاعتبار للأنماط والاتجاهات التي كونت مرتكزات النحت الأكاديمي والواقعي بشكل خاص.
هكذا يبدو في معظم أعماله الأخرى أكثر ميلاً نحو مظهر تخطي الصياغة الكلاسيكية والأكاديمية والواقعية، والأداء التقني الذي يرافق خطوات إنجاز أكثرية أعماله النصبية وبالاخص (الطوفان، جنين، سفينة نوح، شرخ المحبة…) ويضفي المزيد من الرؤى الاختبارية الحديثة الناتجة عن طريقة معالجة الأشكال والعناصر الإنسانية بحرية وتلقائية منفتحة على طروحات الحوار الثقافي بين الشرق والغرب، وبين الجنوب والشمال، على أساس أن ثقافة فنون العصر باتت في تطلعاتها الراهنة وفي تنويعاتها المختلفة تبحث عن حوار أكثر شمولية، حيث تظهر تأثيرات الأزمنة القديمة والحديثة في طريقة توليف العناصر والوصول بها إلى مواصفات البحث الفطري والعفوي. و في هذا الإطار يمكن القول أنه كان يدمج في المنحوتة الواحدة ما بين الأزمنة والأمكنة، إذ ثمة تلاق هنا بين النحت القديم والحديث، مركزاً في أحيان كثيرة على أظهار موضوعات التاريخ الحضاري، ويتحول عن الجمود المقروء في التطرف الهندسي الصرف، وذلك بكسر عمودية وأفقية الخطوط في التشكيل النحتي الفراغي، بحيث يجعلها تميل نحو الحركة المتموجة في خطوط منزاحة، وهذا ما نجده بشكل واضح في القسم العلوي من عمله النصبي ( توازن ) حيث اتجه نحو مظهر تكثيف الصدمة البصرية في عين المشاهد، حين عمد إلى كسر نقاط الارتكاز الأساسية في المكعب الحجري الفراغي .
هكذا كان يتنقل بين الواقعية والتعبيرية، حيث جنح في اتجاهه التعبيري نحو الاختزال وأضفاء المزيد من العفوية والبدائية والفطرية، أما في منحوتاته الواقعية فكان يهدف الوصول إلى الاتزان، الذي تؤديه التفاصيل الصغيرة والسطوح الناعمة والالتزام بقواعد التشريح والتناسب والتماثل وما إلى ذلك من ركائز واقعية وأكاديمية.‏ حيث برزت مراحل العمل بجلد وصبر وبدقة تفصيلية متناهية، وبذلك تتأكد مظاهر استعادة تقنيات النحت الواقعي والكلاسيكي.
وبدا في تنقلاته، من أقصى حدود الواقعية، إلى أقصى حالات العفوية في أعماله النحتية الفراغية، وكأنه كان يعمل لإيجاد حالة حوارية وتصالحيه، بين أنصار الاتجاهات التصويرية الواقعية، وأنصار التيارات التشكيلية الحديثة والمعاصرة.‏
وخير دليل على قولي هذا إنه غامر في تقديم تجارب تعبيرية متطرفة في حداثتها وجاءت أعماله النحتية في تحولاتها وتنقلاتها بين التصريح والتلميح كردة فعل إيجابية، ضد النزعات التكفيرية المتخلفة والمدمرة، والتي تعتبر النحت من المحرمات.
وسورية (رغم كل صيحات التخلف والانحطاط والجهل والنزعات التكفيرية) تبقى قادرة على التجدد والانبعاث واستعادة دورها الحضاري المشرق كجسر يصل الشرق بالغرب.
فالحرب يمكن أن تغتال كل شيء، إلا الأحلام والقدرة في كل مرة، على الانبعاث كطائر الفينيق، من بين الرماد، والارتباط بماضي الأمجاد، الذي صنعته ملكات وأميرات الزمن الغابر في شرقنا العربي والسوري تحديداً.
وبعد مقارنة ومقاربة بصرية بين معطيات بحوثه التقنية المتنوعة، وتفاوتها بين الواقعية والتجريدية، يمكننا أن نتفهم الإشارات الأسلوبية، التي يرتكز عليها في خطوات تنقله من منحوتة إلى أخرى.
يذكر أن عبد اﻟﻠﻪ السيد رحل مند أيام، وله عدة تماثيل متواجدة في دمشق والسويداء ودرعا، وخارج سورية، كما شارك في ملتقيات نحتية دولية أقيمت في اللاذقية ودمشق وأهدن في لبنان، وكان مهتماً بالبحوث الجمالية النظري، من خلال كتاباته ومحاضراته ومناقشاته في المؤتمرات والندوات داخل سورية وخارجها.

آخر الأخبار
التحول نحو الاقتصاد الحر.. خطوات حاسمة لدعم المصرف المركزي السوري فزعة الأشقاء.. الأردن يهبّ لمساندة سوريا في إخماد حرائق الساحل أول شحنة منتجات من المدينة الصناعية بحسياء إلى الولايات المتحدة الأميركية رئيس الجمهورية يتابع ميدانياً جهود الاستجابة لحرائق ريف اللاذقية  تشكيل مجموعة العمل المشتركة حول التقنيات المالية بين مصرف سوريا المركزي ووزارة الاتصالات 138 خريجاً من مدرسة التمريض والقبالة في حلب يؤدّون القسم تحفيز إبداع فناني حمص مبادرة وطنية لحفظ وتثمين التراث السوري الهيئة الوطنية للمفقودين تطلق المرحلة الأولى من عملها هوية دمشق القديمة.. حجر اللبون بين سوء تنفيذ.. وترميم غير مدروس بحث تطوير مطار حلب وخطوات جديدة نحو الإقلاع الاقتصادي حركة نشطة عبر معبر السلامة.. أكثر من 60 ألف مسافر في حزيران وعودة متزايدة للسوريين بين المصالح والضغوط.. هل تحافظ الصين على حيادها في الحرب الروسية-الأوكرانية؟. صحة حمص تطور خبرات أطباء الفم والأسنان المقيمين تخفيض أجور نقل الركاب على باصات النقل الحكومي بالقنيطرة أطباء "سامز" يقدمون خدماتهم في مستشفى درعا الوطني استجابة لشكاوى المواطنين.. تعرفة جديدة لنقل الركاب في درعا كيف تخلق حضورك الحقيقي وفعلك الأعمق..؟ حرائق الغابات تلتهم آلاف الهكتارات.. وفرق الإطفاء تخوض معركة شرسة للسيطرة على النيران سوريا وقطر تبحثان توسيع مجالات التعاون المشترك