الثورة – رشا سلوم:
من المعروف أن اللغة لا تتفاعل مع الحياة وتطور أساليبها وأدواتها يصيبها الجمود واليباس وهي لغة ميتة لا مستقبل لها
من هنا تعنى المؤسسات اللغوية بالعمل على إبقاء حيوية اللغة في الأساليب والمفردات .
وهنا نشير إلى دور مجمع اللغة العربية في دمشق ابو المجامع العربية واقدمها إذ قدم العديد من المعاجم في هذا المجال وكذلك الكتب واستكمل مجمع القاهرة العديد من المؤلفات في هذا الشأن فقد صدر في مصر كما نشرت اخبار الأدب قراءة في كتاب “كتاب الألفاظ والأساليب ج 6-ط1-2022م”.
وعن هذا الكتاب يقول
يقول أ.د.صلاح فضل (رئيس المجمع) في تصديره لهذا الجزء: “اللغة كائن حي، حياتها الاستعمال، ونموها التَّداول وجريان ألفاظها على الألسن والأقلام، وتجدد خلاياها فى ابتكار تراكيب جديدة، وخلق أساليب تعبيرية متميزة. والعربية المعاصرة بهذا المعنى دائبة الحركة، سريعة التطور، باذخة الثراء؛ يتجلى هذا فيما يجدُّ من معانٍ محدثة تكتسبها كثير من الصيغ والأوزان الشائعة فى الفصحى، واتساع فضائها ليضم إلى حصيلتها كثيرًا من ألفاظ الحياة اليومية الحية وتراكيبها مما له سند يؤيده من الفصيح، كما يتجلى أيضًا فى قدرتها الهائلة على استيعاب لغة العلوم والفنون ومواكبتها لمستجداتها، بما تمتلكه العربية من طاقات هائلة فى الاشتقاق والنحت والتعريب.
ولعل أعمال لجنة الألفاظ والأساليب فى هذا المجلد الضخم يجسد لنا هذه الأفكار بوضوح، فهذه اللجنة النشطة بمثابة المرصد الذي يتتبع الألفاظ والتراكيب الجارية فى الاستعمال الحي مسموعة كانت أو مقروءة، وهي مهمة شاقة ومتشعبة، ولاسيما في هذا الزمن الذي تفجرت فيه الثورة المعلوماتية، وتنوعت وسائل التواصل الاجتماعي، وتعددت فيه وسائل الإعلام من إذاعة وتلفزة، ونشطت فيه المطابع التي تقذف فى اليوم الواحد مئات الصحف والمجلات، وعشرات الأبحاث والمؤلفات العلمية المنشورة بالعربية، وهو ما يجعل مهمة علماء هذه اللجنة الأجلاء وخبرائها المشتغلين بالبحث اللغوي شديدة الصعوبة؛ ولذا فإن مجمع اللغة العربية يسعى الآن لإنشاء مرصد لغوي، يتابع الواقع اللغوي بدقة؛ حتى يتيح لهذه اللجنة ما يستجد من تراكيب، وما يشيع من ألفاظ ودلالات في العالم العربي، وليس في مصر وحدها.
ويضم هذا الجزء أعمال لجنة الألفاظ والأساليب التي أقرَّها مجلس المجمع ومؤتمره – بعد مناقشات علمية دقيقة – ابتداءً من دورته الثالثة والثمانين حتى الدورة السابعة والثمانين، وهي أعمال تؤكد أن المجمع لا ينعزل عن الواقع اللغوي أو يعيش أعضاؤه منكبين على فصحى التراث وحدها، لكن المجمع يتابع عن كثب مستويات اللغة المعاصرة ممثلة في أقلام الأدباء والكتاب والصحفيين، وألسنة الإذاعيين والإعلاميين وغيرهم.
وإذا كان المجمع حريصًا على تسجيل لغة العرب القدامى ولهجاتهم واصطلاحاتهم في معاجمه المختلفة؛ فإن عنايته بتسجيل لغة المحدثين لا يقل أهمية عن ذلك، ولعل النظر إلى عناوين كثيرٍ من القرارات التي اتَّخذها مجلس المجمع بغية توسيع قاعدة الاستعمال تؤكد هذا، ومن ذلك بعض هذه التراكيب: “التَّباعد الاجتماعي”، “الجيش الأبيض”، “الخطُّ السّاخِن”، “الذِّئاب البَشـَريّة”، “الذُّباب الإلكترونيّ”، “مناعة القَطيع”…إلخ، وهي تراكيب تكشف عن متابعة دقيقة للقضايا السّاخنة التي تشغل العالم العربي.
وحسب اخبار الأدب المصرية :
فقد اتَّخذت اللجنة لنفسها مبادئ ارتضاها المجلس، والتزمت بها منذ تشكيلها الأول حتى الآن، لعل من أهم هذه المبادئ، أنها لا تسجل إلا ما شاع على الألسن وتردد على أسنة الأقلام، ولم يرد له ذكر في مصادر اللغة ومعاجمها، كما أنها لا تعتمد التركيب أو اللفظ إلا بعد التأكد من سلامته اللغوية وجريانه على قواعد اللغة وذوقها فى التعبير.
والحق أن أعضاء اللجنة وخبراءها وباحثيها لم يدخروا جهدًا في التماس ما يدعم صحة التركيب أو اللفظ من الفصحى، فلم يكتفوا بالرجوع إلى كتب اللغة وحدها، وإنما عنوا بالرجوع إلى مصادر الاستعمال اللغوي من دواوين شعرية، ومؤلفات نثرية، ومصنفات في العلوم المختلفة زخر بها تراثنا العربي الثري؛ بُغْيةَ إضفاء المشـروعية اللغوية على تلك الألفاظ والتراكيب الشائعة؛ ولذا جاءت مذكراتهم في الأساليب والألفاظ المرصودة أقرب إلى البحوث اللغوية المكثفة، التي تكشف عن التطور الذى طرأ على الألفاظ.