الثورة _ فاتن أحمد دعبول_عمار النعمة:
بسقف عال من الجرأة والوضوح امتاز الحوار والنقاش الذي دار بين الحضور الذي يتمثل بالفنانين وأصحاب شركات الإنتاج والمخرجين والفنيين من جهة، وبين المهندس حسين عرنوس رئيس مجلس الوزراء، من جانب آخر، وبحضور كل من وزير الإعلام د. بطرس حلاق، ووزير المالية الدكتور كنان ياغي، ومحسن غازي نقيب الفنانين، وبإدارة علي عنيز رئيس مجلس لجنة صناعة السينما والتلفزيون.
وأكد رئيس مجلس الوزراء أن الحكومة لن تألو جهداً في تقديم الدعم الممكن لهذا القطاع الحيوي وهي على استعداد تام للبحث في كافة التسهيلات المالية الممكنة لخفض تكاليف الإنتاج وتعزيز تنافسية المنتج الدرامي، سواء من خلال الإعفاءات الجمركية والمالية أو من خلال تقديم تسهيلات ائتمانية ومصرفية مناسبة ومتابعة مخرجات الورشة، سواءٌ من خلال مراجعة الصكوك التشريعية الناظمة لقطاع صناعة الدراما والسعي لجعلها في خدمة تطوير القطاع، أو من خلال تشكيل فريق عمل من الجهات المعنية لإيجاد الصيغة المؤسساتية والإدارية المثلى لإدارة شؤون هذا القطاع.
وشدد المهندس عرنوس على استعداد الحكومة أيضاً لتقديم كافة التسهيلات الإدارية واللوجستية لتعزيز الاندماج المخطط والواعي للقطاع مع بيئته ومحيطه العربي من خلال المؤتمرات والمعارض والمهرجانات المشتركة برعاية حكومية واسعة، مشيراً إلى أهمية اللقاء مع المعنيين عن واحد من أهم قطاعات التنمية البشرية في البلد، وهو قطاع الإعلام، وعلى وجه التحديد قطاع صناعة الدراما لما له من دور حيوي، وأنه يحق لنا جميعاً أن نفخر بصمود المؤسسة الإعلامية، وتمسكها بهويتها وأصالتها وانتمائها الوطني والعروبي الحقيقي ونستذكر بمزيد من الإجلال والتقدير أمثلة هذا الوفاء من شهداء الإعلام الوطني الذين قدموا أرواحهم في سبيل الدفاع عن مبادئهم ورسالتهم الوطنية والأخلاقية.
ولفت رئيس مجلس الوزراء إلى قيام أعداء الوطن والأخلاق والقيم بضرب البنية التحتية للمؤسسة الإعلامية فخربوا وفجروا واستهدفوا بالقذائف أبنية المؤسسة الإعلامية، كما ساهم داعمو الإرهاب والإرهابيين في محاولة حصار الكلمة العربية السورية والتضييق على الفن السوري من خلال الحصار على الأقمار الصناعية، والعقوبات على توريد التجهيزات الخاصة بالقطاع الإعلامي، وغير ذلك من إجراءات قسرية ظالمة.
وقال المهندس عرنوس: “لا شك أن ثمة صعوبات تعتري العمل الإعلامي بشكل عام، وصناعة الدراما بشكل خاص، ونأمل أن تكون ورشة عملكم هذه فرصة حقيقية لتحليل واقع هذه الصناعة، وتحديد أهم الصعوبات التي تعاني منها، ومقترحات تجاوزها بشكل موضوعي وعملي وفق خطة عمل واضحة وشفافة” مضيفاً إن صناعة الدراما هي مسؤولية مشتركة بين القطاعين العام والخاص، ولا بد من التشاركية الحقيقية بين كافة الأطراف المعنية.
وأضاف إن الإنتاج الدرامي لا يجب أن يكون حكراً على المؤسسات الحكومية، كما أن الحكومة حريصة على أن يكون الدعم المقدم، حالياً ومستقبلاً، لهذه الصناعة شاملاً لكافة الفاعلين فيه من القطاعين العام والخاص. فهذه صناعة وثروة وطنية لا تملكها جهة معينة دون جهة أخرى، وإن تباينت الأدوار والمسؤوليات، فلا بد أن تكون متكاملة متناغمة، وإذا كان لكلِّ صناعة سوق وتجارة مرتبطة بها، وحسابات ربح وخسارة تحكمها، فإن لصناعة السينما حسابات دقيقة، وموازين حساسة، لا بد من مراعاتها عند إعداد حسابات الجدوى الاقتصادية والاجتماعية من هذه الصناعة، فأقلُّ ما يقال عن صناعتكم هذه إن الرأي العام مسؤوليةٌ وطنية وأخلاقية، وإن سلامة المجتمع أمانة في عُنُقِها، وشرطً لازمٌ يتقدم على حسابات تكاليف الإنتاج المالية والترويجية.
وأعرب رئيس مجلس الوزراء عن أمله في أن تكون ورشة العمل هذه فرصةً لوضع معالم ميثاقٍ وطنيٍّ للإنتاج الدرامي يتمثل في الحرص على أن يكون الإنتاج الدرامي ملتزِماً ومسؤولاً تجاه قضايانا الوطنية، مع واقعية الطرح ووضوح الهدف والدَّور من المنتَج الدرامي.
وخلال جلسة حوارية ضمن الورشة أجاب رئيس مجلس الوزراء على مداخلات الحضور مؤكداً أن الحكومة جاهزة لتقديم الدعم اللازم لتطوير واقع صناعة الدراما والسينما وفق الإمكانات المتوفرة منوهاً بالدور الهام للأعمال الفنية الدرامية والسينمائية في إعطاء الصورة الحضارية الحقيقية عن أصالة الشعب السوري وتسليط الضوء على المشاكل التي يعاني منها المواطن إضافة الى الدور التوعوي في ظل انتشار الأفكار المتطرفة البعيدة عن أخلاقيات الشعب السوري.
وأكد رئيس مجلس الوزراء أهمية وضع مقترحات عملية وواضحة بالتشاركية بين وزارة الإعلام ولجنة صناعة السينما والتلفزيون ونقابة الفنانين لتطوير المنتج الفني والارتقاء بواقع صناعة الدراما والسينما باعتبارها تسهم في دعم الاقتصاد الوطني إضافة إلى تحسين واقع العاملين بقطاعي الدراما والسينما والفنانين.
ودعا رئيس مجلس الوزراء من غادر إلى خارج البلاد ومنهم عدد من الفنانين للعودة إلى الوطن والمساهمة في إعادة الإعمار في ظل صدور مرسوم العفو رقم /7/ لعام 2022 وأكد بناء على المداخلات أنه سيتم التدقيق بتنفيذ المرسوم رقم 33 لعام 2011 المتعلق بالمبالغ التي تتقاضاها الجهات العامة لقاء أعمال التصوير التلفزيوني والسينمائي.
وتركزت الطروحات حول قضايا وهموم صناع الدراما، والحاجة إلى حلول جذرية وغير اعتيادية، وخصوصا بعد فترة الحرب التي انعكست سلبا على سوية الدراما، وطالب البعض بالتفكير خارج الصندوق بعيدا عن المسوغات التي لا تغني ولا تسمن من جوع، فالفن وجهة نظر، فكيف يرصد الفنان ما يحدث في الشارع ومقومات العمل غير متوفرة؟
وبين محسن غازي نقيب الفنانين أن وجود الفنانين خارج القطر في غالبيتهم بحثا عن فرصة عمل، وهاجروا نتيجة الإغراءات التي قدمت لهم على صعيد الأجر، وعلى صعيد تلبية طموحاتهم وتحقيق مشروعهم الفني، لكن هم صنعوا في سورية، وولدوا من رحم الاهتمام الذي كان منصبا على الدراما السورية، فأصبحوا نجوما، وعلينا أن نهتم بجيل جديد كي لا تخسر الدراما من جديد.
وأضاف: المشكلة هي في رأس المال، ونطمح من خلال الورشة أن تتكرم الحكومة بتخصيص مبلغ كبير لدعم الدراما من خلال مؤسسة الإنتاج التلفزيوني، لأنها الأقل حضورا في عملية الإنتاج وفي منافسة الشركات الخاصة التي لا زالت تعمل، وعلينا دعم صناعة الدراما، ونرصد لها المبالغ لتطويرها، ولا ننسى مشكلة التسويق، فنحن لا نتقن فن التسويق، ومن الأهمية بمكان تقديم الدعم للدراما من ألفها حتى يائها.
وبين وزير المالية أنه ثمة اعتماد مالي خصص من أجل صناعة الدراما، ربما هو غير كاف، لكنه جاهز للإضافة عندما يحتاج الأمر، علما أن المالية لم تأخذ من أرباح الدراما، وهي جاهزة لدعم الاعمال التي تشكل قيمة مضافة، ولا يوجد قيود على تحويل القطع الأجنبي من الخارج إلى الداخل، بل القيود المفروضة هي على التداول وليس على الحيازة المسموحة قانونا.
وطالب البعض بالسماح للترخيص لفضائيات خاصة ومنطقة حرة للإنتاج التلفزيوني، كما اقترح آخرون إنشاء مدينة فنية والسماح لبعض الشركات الخاصة بإنشائها، بالإضافة إلى تأسيس نقابة خاصة بالفنيين.