الملحق الثقافي- ترجمة: د.ثائر زين الدين:
على شجيرة ورد سقط شعاع عشوائي،
مُخترقاً الغيوم للحظة.
تألَّقَ برعمٌ واحمرَّ خجلاً،
ثمَّ قال متفاخِراً: «أنا المختار».
الورود الأخرى منحتهُ نظرةَ إعجاب
مبتهجةً بنجاحه.
لكن الشعاع اختفى خلف ثقل أسطول من الغيوم،
يبدو الأمر كما لو أنهم حفروا حفرة فيها.
لم تلاحظ الوردةُ ما تغيَّر.
وهمست للأزهار المجاورة: «أنا المختارة».
ذبلت بهدوء، وتبدّلت الحال إلى الحزن،
وعلى مهلٍ حلَّت حفلةٌ تنكريّة.
«أنا الأفضل، أنا قديسة»، ضجَّت أوراقها.
لكن الورود الأخرى التي ولدت في الصباح
هزَّت رؤوسها غير راضية …
كان كلامها غبيّاً ويفتقرُ إلى الحكمة.
«أنا المختارة!» – اصفرارٌ باهت،
عطرٌ مفقود،
وانهارت على عشب هدوء الليل،
غير مدركةٍ خسارَتها.
«أنا الأفضل «- ردَّدتْ آخرُ بتلةٍ في الوردة،
ودارت فجأةً، وطارت: أعلى، فأعلى، فأعلى …
اختفت دون أن تتركَ أثراً في السماء الزرقاء،
وما عاد أحدٌ يسمع عبارة: «أنا المختار!»
منحت الشمس النور للورود
منحته بسخاء، دون أن تميّز فيما بينها.
ما من أحدٍ مختار في لحظة ما،
تلك كانت حادثة غريبة – حادثة بسيطة.
ذكريــــات
مُستنداً براحةِ يدكَ على الزجاج،
حدَّقتَ في الخريفِ القاتم.
التمعَ الجليدُ على إبر الصنوبر
وتساقط الثلجُ … ما الذي جذبك في هذا الليل؟
ليل، حاولتَ أن تقرأ حياتك
على طول خطوط يدك علّك تفهم قلقك …
آه أيتها السماء، يحدثُ أن تكوني قاسيةً؛
تدميرين كلَّ شيءٍ على طول ضفاف النهر.
ودون أن تترك جسوراً مع الماضي
تُسرعُ لتنسى أو تتناسى …
ويمر يوم فإذا بك تحلم مرة أخرى
بتلك المحادثة ذات الكلمات الفظيعة.
بالدموع لن تمسح الأثر من راحة يدك.
(ذات مرة كانت تمسك بكفٍ آخر)،
لكنك تقولُ باستخفاف،
وأنت تفتحُ أصابعك بقسوة: «لا حبّ في الدنيا!»
مُستنداً براحةِ يدكَ على الزجاج،
لماذا تُحدِّقُ في الخريف القاتم؟
لقد كنتَ محبوباً … الثلج يغطي الطرق،
ويعصفُ بخفّة: كلّ شيء أبيض – أبيض …
والذاكرة تنظرُ في النافذة الشتويّة.
(…………)
الروح في «محيط سامسارا»
تغرقُ في عواصف التجارب …
أهو قدرٌ لدودٌ أم سحرُ
معاناة الكارما الأبديّة؟
والوقت – من حولنا – أصبح دائرة،
لا يعرف ذروة السلام.
والنفوسُ تعاني من المرض
فكن في صراعٍ مع نفسك.
تدورُ عقاربُ الوقت
أسرعَ، فأسرع، فأسرع
ويتراءى أنه أصبحَ أكثر إشراقاً.
وتتسارعُ الروحُ «سنجاباً» …
داخل عجلة – «حتى تسقط» –
تسعى جاهدة إلى قمة السلام …
وما ذلك النور إلّا مجرد مكافأة،
ونور الحد مقفل.
تستلقي الأخطاء – ذنوب الحِملِ الأبدي –
ثقيلةً وكبيرةً جداً
على الأكتاف كعبءٍ لا يُحتمل:
لذلك، فالعالم ليس حراً.
الروح في «محيط سامسارا»
تطفو، لتغدوَ «شاة على المذبح».
أهو قدرٌ لدودٌ أم سحرٌ
أم الغفران من خلال المعاناة؟
حلـــــــــــــــم.
سقط الليلُ على أكتاف السمّورات.
يومض ضوء النجوم البعيدة بحرارة.
مسار النهر يعدو عبر الحدائق،
وشجيرة الورود تتقوَّسُ، كالجسر.
تتراءى البراعم تحت ضوء القمر
مثلَ كؤوسِ من الضوءِ في الليل
تبيضُ أعمدة القصر النحيلة،
نار في النافذة من جراء لهب شمعة.
حلم رائع أنتظر فيه لقاءً:
حفيفُ حريرٍ وهسهسةُ أوراق.
رغباتٌ سريّةٌ في قسمات الليل…
والقمر يُلامس الزهور بحنوٍ شديد.
يفرشُ الليلُ الدربَ بضياء القمر.
تحفحِفُ الرمالُ وتلتمعُ ذَهباً.
وأنا في هذه الساعة آملُ أن ألقى الجواب…
لا أعتقد أن الأمل مجرّدُ دخان فحسب.
إيقاعُ غيتار … أنغامُ أوتار …
لحنٌ يقترب أكثر فأكثر.
أضواء فوانيس مثل أقمارٍ سحريّة؛
لكأنّها الحراس في مصيري الآن.
لقد غنَّيتَ عن الرقَّة والانفصال.
هدأ الخليج، وسُمعت الأنغام كلها.
وأرهقَ القلبَ عذابٌ حلوٌ، حلو،
ففتحَ الأقفالَ وشرَّعَ الأبواب.
لكن الحُلمَ اختفى، وانهمرت أحلامُ الشمسِ
على سريري ضياءً.
وفاحت الورود المَقطوفَةُ برائحة الحب:
الرؤى السحريّة، تلك التي كانت تُشعُّ في الحياة
العدد 1105 – 2 – 8-2022