الملحق الثقافي- خلود حكمت شحادة :
سنوات مرت على بلدنا من صراعات وحروب دمرت البشر والحجر واليوم نعود من جديد إلى حياتنا وأمننا وأماننا، ولكن أثراً ما وندوباً بقيت هنا وهناك.. جروح نفسية واجتماعية أثرت في الكثيرين وخلّفت معاناة ونقاط ضعف اجتماعية وتربوية علينا معالجتها لنتمكن من بناء جيل جديد خرج من حرب أراد داعميها تدمير أجيال سورية وحضارة أبجديتها.
كنا مضطرين جميعًا أن نشهد هذه الصراعات والحروب لذلك فإن اهتمامنا الأول يجب أن يكون بالعمل على تخفيف المعاناة الناجمة عنها وهذا يحدث عند إدراكنا لأهمية احترام الأخلاق.
الانتهاكات الإنسانية التي تصاحب الصراعات تدفعنا للتساؤل عن معنى الغياب شبه التام للقيم الثقافية والتربوية ؟ ولماذا تختفي ؟ أين ذهبت آراء وأفكار رواد المدرسة «الأخلاقية» سقراط وأفلاطون وأرسطو وتوما الأكويني والكثير غيرهم ممن أجمعوا على ضرورة وجود أخلاق فاضلة في زمن الحروب يلزم اتباعها مؤكدين أن الخلق الفاضل يشكل الإنسان الصالح كما أنه ضروري لازدهارنا كبشر نعيش في مجتمع واحد.
فما قرره الفيلسوف جان جاك روسو في كتابه الشهير «العقد الاجتماعي» من أن الحرب علاقة بين الدول لا بين البشر، فالعداء للجنود لا للإنسان، وأنه بمجرد أن يلقي الجندي سلاحه ويستسلم يعود بشراً لا يحق لأي كائن الاعتداء على حياته.
طرحنا تساؤلاً على مختصين ودارسين لعلوم الاجتماع والتربية عن تحولات القيم الثقافية والتربوية في المجتمع السوري ودور الحرب في ذلك …كيف نستعيد هذه القيم؟
كان للدكتور ماهر الآغا من كلية التربية توضيح لتلك الإشكالية حيث قال: من الطبيعي عندما تنشأ الحروب تنهار المنظومة الأخلاقية عند معظم الشعوب لما للحرب من آثار سلبية لذلك يجب العمل على إعادة تربية النشىء ضمن مؤسسات كالطلائع والشبيبة وإعادة تفعيل دور هذه المؤسسات وإعادة دور المربي للمعلم وتأهيله لأداء هذا الدور بشكل صحيح.
مؤكداً وجهة نظره في إعادة دروس التربية الرياضية والعسكرية للمدارس بشكل حقيقي وفعال، وعلينا ألا نعمل على إرشاد وتوجيه الأمهات صغيرات السن على طرائق التربية وبناء القدوة.
وختاماً قال الآغا. هناك الكثير من الطرائق منها الجيد ومنها الجيد جداً ومنها الممتاز والفعال لكن تحتاج إرادة قوية وجهة تنفيذ ملزمة.
من قسم علم الاجتماع مجموعة من أشخاص ثلاثة من طلاب الدراسات العليا كانت آراؤهم متشابهة عند توجيه السؤال لهم بأن عادات المجتمع ثابتة وفي كثير من الأحيان تكون كالقوانين صارمة ولكن ظروف الحرب تنخر فيها وتؤثر سلباً ولكنها لا تسبب تغييراً جذرياً لذلك يمكن اعتبارها رياحاً تمر وتترك أثراً يمكن تصحيحه بزوال السبب، واليوم وبعد انتهاء الحرب وعودة الحياة من جديد يمكننا إعادة تأهيل ما دمرته الحرب اجتماعياً وتربوياً بالتركيز على تربية الأطفال في المنزل ومتابعة هذا الدور في المدارس ولا ننسى دور الإعلام المهم في عملية ترميم القيم الاجتماعية والسلوكية والتربوية.
العدد 1105 – 2 – 8-2022