الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
أثارت التهديدات الاستفزازية بإمكانية زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي على متن طائرة عسكرية إلى تايوان، التي تعتبرها الصين جزءاً من البر الرئيسي، توترات عالمية حادة بالفعل، فضلاً عن أزمة سياسية وعسكرية في واشنطن.
بيلوسي، التي شرعت بالفعل في مهمتها في شرق آسيا مع وفد مكون من ستة أشخاص من قادة الكونغرس الديمقراطيين، رفضت عمداً استبعاد الهبوط في تايوان، على الرغم من تحذيرات بكين من أن أي رحلة من هذا القبيل ستُقاوم.
سواء تم المضي قدماً في زيارة بيلوسي أم لا، فقد عملت بالفعل على جعل المواجهة الأمريكية مع الصين، التي صنفتها واشنطن تهديداً لهيمنتها على منطقة آسيا والمحيط الهادئ والعالمية، أقرب إلى حرب نووية كارثية محتملة.
وأشار بيان رسمي أصدرته بيلوسي مؤخراً بعد توقف في هاواي إلى مناقشات رفيعة المستوى مع قادة عسكريين من القيادة الأمريكية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ حول الطيران إلى تايوان برفقة طائرات مقاتلة أمريكية.
وقالت بيلوسي إن مهمتها ستركز على “الأمن المتبادل والشراكة الاقتصادية والحكم الديمقراطي” وستتضمن سنغافورة وماليزيا وكوريا الجنوبية واليابان، ولم يرد ذكر لتايوان تمشياً مع السرية التي أحاطت بالرحلة.
رفضت بيلوسي نشر أي معلومات حول توقيت خط سير الرحلة، قائلة إن ذلك سيشكل تهديداً لسلامتها.
ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال: “الاستعدادات اللوجستية جارية للتوقف في تايوان في حالة الانتهاء من قرار الذهاب إلى هناك، قال أشخاص مطلعون على الأمر”.
إضافة إلى ذلك، فإن حاملة الطائرات الأمريكية التي تعمل بالطاقة النووية والمسلحة “يو إس إس رونالد ريغان” ومجموعتها الضاربة، بما في ذلك مدمرة وطراد صاروخ موجه، أصبحت الآن في بحر الصين الجنوبي، على مسافة قريبة من تايوان.
بسبب الخطر الواضح لحدوث صدام عسكري، مع عواقب غير معروفة، اندلعت الانقسامات بشكل واضح في إدارة بايدن والبنتاغون حول إرسال بيلوسي إلى تايوان.
من المحتمل أن تتفاقم هذه الأزمة بسبب حقيقة أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، البالغ من العمر 79 عاماً، قد عانى من الإصابة الثانية بفيروس COVID في غضون أيام.
وقال بايدن للصحفيين الأسبوع الماضي إنه يعتقد أن الجيش الأمريكي يعتبر أن زيارة بيلوسي لتايوان “ليست فكرة جيدة في الوقت الحالي”.
إلا أن البنتاغون قام بالاستعدادات للرحلة المقبلة، حيث أعلن رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، الجنرال مارك ميلي، الأسبوع الماضي أن القوات المسلحة الأمريكية مستعدة “لفعل ما هو ضروري لضمان إجراء زيارتهم بشكل آمن وسليم”.
تم التأكيد على مخاطر الاشتباك العسكري عندما أعلنت الحكومة الصينية في وسائل الإعلام الرسمية الأسبوع الماضي أنها تجري مناورات عسكرية بالذخيرة الحية في مضيق تايوان، على بعد حوالي 120 كم من الساحل التايواني.
تم بث لقطات فيديو للتدريبات في وقت لاحق على شبكة التلفزيون الرئيسية في الصين، CCTV.
وقال الإعلان إن المناورات التي ستجرى على مدى 13 ساعة بالتوقيت المحلي، ستكون محدودة النطاق وستجرى قبالة جزيرة بينجتان في مقاطعة فوجيان.
لكنها قالت إن أي دخول إلى مياه مضيق تايوان بين تايوان والبر الرئيسي سيكون محظوراً.
وبثت وسائل الإعلام الحكومية كذلك لقطات لمدمرة صينية تطلق أسلحتها في بحر الصين الجنوبي، ويعتقد أن مجموعة حاملة الطائرات يو إس إس رونالد ريغان تبحر من خلالها.
ولزيادة التوترات، أجرت حكومة تايوان تدريبات دفاعية واسعة النطاق، بما في ذلك تدريبات على الغارات الجوية في المدن الكبرى التي أمرت الملايين من السكان بالحماية عند إطلاق صفارات الإنذار.
ومن ناحية أخرى، تفقدت رئيسة تايوان تساي إنغ ون بنفسها التدريبات العسكرية بالذخيرة الحية، وقالت للجنود بعد ذلك إن التدريبات أظهرت “قدرة وتصميم جيشنا في الدفاع عن بلادنا”. قالت حكومة مدينة تايبيه إن الغرض من التدريبات على الغارات الجوية هو تعليم المواطنين موقع الملاجئ “في حالة الحرب”.
بغض النظر عن المخاطر الواضحة، بما في ذلك بالنسبة لبيلوسي البالغة من العمر 82 عاماً، فقد حثتها شخصيات بارزة في الكونغرس الأمريكي وجهاز الأمن على المغادرة، معلنين أنه لا ينبغي السماح لبكين “بإملاء” شروط تعامل الولايات المتحدة مع تايوان.
هذا الضرب على طبلة الحرب هو من الحزبين، فقد أعلن الرئيس الديمقراطي للجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، آدم سميث: “لا أعتقد أننا يجب أن ندع الصين تملي شيئاً كهذا”.
وفي مكالمة هاتفية مع بايدن الأسبوع الماضي، عارض الرئيس الصيني شي جين بينغ بشدة زيارة بيلوسي، الثانية في عهد الرئاسة الأمريكية، إلى الجزيرة، وستكون الزيارة انتهاكاً واضحاً لسياسة صين واحدة، والتي بموجبها لم تعترف الولايات المتحدة بتايوان كدولة منذ عام1979.
وحذرت الافتتاحية في صحيفة تشاينا ديلي: “الزيارة المقترحة من رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى الجزيرة، إذا تحققت، ستشكل انتهاكاً خطيراً لسيادة الصين ووحدة أراضيها وستهز بشكل خطير الأساس السياسي للعلاقات الصينية الأمريكية”.
لكن قضية بيلوسي ليست تطوراً منعزلاً، فقد قامت الإدارات الأمريكية المتعاقبة، من أوباما وترامب إلى بايدن، بشكل متزايد بنزع أحشاء سياسة الصين الواحدة، بما في ذلك عن طريق إرسال القوات والمساعدات العسكرية والوفود إلى تايوان.
الحقيقة هي أن واشنطن هي المعتدية، وتواصل ثلاثة عقود من الحروب التي لا تنتهي لتأكيد الهيمنة العالمية.
تماماً كما دفعت روسيا إلى صراع كارثي في أوكرانيا من خلال توسيع الناتو إلى حدود روسيا وبناء الجيش الأوكراني، تعمل واشنطن على تحويل تايوان إلى منصة انطلاق للحرب مع الصين.
بالإضافة إلى استهداف الصين، التي تعتبر التهديد الرئيسي لقوة الولايات المتحدة، فإن إدارة بايدن تستجيب لأزمة اجتماعية واقتصادية وسياسية عميقة في الداخل باستخدام الحرب كوسيلة لتحويل نضالات الطبقة العاملة المتزايدة لاستهداف عدو أجنبي مفترض.
المصدر:
Global Research