بين سيناريو اللجوء إلى تقديم الدعم النقدي والسيناريو الأكثر تفكيراً من خلال دعم المواطن سلعياً عبر نقاط توضع له على البطاقة بحيث يحصل على مخصصاته من المواد المدعومة، خطوات يرى بعض الاقتصاديين أنه سيرافقها الكثير من الصعوبات وربما عدم القدرة على التنفيذ، فالعجز الكبير في الموازنة العامة للدولة والذي بدا أكثر وضوحاً بعد رفع سعر مادة البنزين سيقف عائقاً أمام أي بدل نقدي، وصعوبة تأمين السلع والمواد المدعومة ستقف هي الأخرى في وجه الدعم السلعي.
التصريحات التي أطلقها مجدداً وزير حماية المستهلك بشأن شكل وآلية الدعم الذي تفكر به الحكومة للمستقبل القريب مع الاستمرار باستبعاد بعض الشرائح عن منظومة الدعم كان قد حسمها رئيس الحكومة في آخر اجتماع مع الطبقة العاملة وتحديداً لجهة الدعم النقدي.
فالحديث مجدداً عن شكل الدعم الجديد والفئات التي تستحقه يجب ألاّ تجعل المسؤول عن هذا الملف المهم والصعب يعمل بمنهج التجريب، وخاصة بعد تطبيق “وين” الذي أظهر عدم وجود بيانات دقيقة وصحيحة وما نزال نحصد نتائجه حتى اليوم.
إعادة النظر بملف الدعم في ظلّ ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة بعضها مرتبط بالعقوبات الخارجية وأخرى بالسياسات والإجراءات الاقتصادية المتبعة تتطلب دراسة اقتصادية دقيقة هذه المرة ولاسيما مع موجة التضخم والغلاء وتدني القوة الشرائية.
فالتجربب لم يُعد مقبولاً وتحديداً مع ملف الدعم الذي وبحسب التصريحات الحكومية أخذ الكثير من الدراسات للوصول إلى الفئات المستحقة بالفعل، وهنا تكمن فلسفة إعادة توجيه الدعم الذي تعتبره الدولة نهجاً استراتيجياً لها وهي مُلزمة فيه.
ما يريده وما يهمّ المواطن من ملف الدعم مقاربة تُركز على تعويم العدالة الاجتماعية من خلال الوفورات التي تتحدث عنها الحكومة جراء توجيه بوصلة الدعم لمستحقيه، فهل تصحح المسار هذه المرة ؟؟؟