الثورة- ظافر أحمد أحمد:
بدأ الصراع العربي – الصهيوني قبل نكبة 1948، وأخذ شكلاً متصاعداً بعد النكبة، (العدوان الثلاثي على مصر – حرب النكسة – حرب تشرين التحريرية..)، وحتّى بعد تكاثر الاتفاقيات ضمن مسار يسمى (السلام العربي- الإسرائيلي)، ما زال الدم العربي نازفاً.
وإنّ تتبع مسار هذا الصراع يؤدي إلى نتيجة واضحة المعالم بأنّه كلّما تعزّز المسار الخاص باتفاقات السلام والتطبيع مع الكيان الإسرائيلي كلّما زادت وحشية الاحتلال، وآخر جولاتها في قصف غزة وسلسلة عمليات الاغتيال للقادة الفلسطينيين، وأصبح في أعلى درجاتها الاستثمار السياسي في الداخل الإسرائيلي وأنّ من يريد الحظوة بأصوات المستوطنين عليه أن يثبت فعالية برامجه في سفك الدم الفلسطيني.
أهدى العرب أشهر ثلاث اتفاقيات لـ”إسرائيل” هي (كامب ديفيد – أوسلو – وادي عربة)، الأولى ذات ديباجة ركزت على أنّها أساس للسلام بين (إسرائيل وجيرانها العرب، وأنّها خطوة هامة في طريق السلام الشامل في المنطقة وتسوية النزاع العربي الإسرائيلي..)، وقد ظهرت أبرز نتيجة عنها باجتياح إسرائيلي للبنان بعد ثلاث سنوات فقط من رفرفة العلم الإسرائيلي في سماء القاهرة.
والثاني اتفاق أوسلو وقد اشتهر الوصف السوري له بأنّ (كل سطر فيه يحتاج إلى اتفاق)، فتطلب بعده سلسلة اتفاقيات هي (اتفاقية باريس الاقتصادية – أوسلو2- اتفاقية طابا- بروتوكول الخليل- اتفاق واي ريفر- اتفاق شرم الشيخ- خطة جورج تينت – خريطة الطريق – اتفاقية المعابر..)، وكلّها لا تساوي الحبر الذي كتبت فيه إذ شهدت بعدها اعتداءات إسرائيلية دموية على غزة أعوام (2006و 2008و 2012 و2014 و2018 و2021 و2022 ).
وبعد التطبيع مع الأردن حقق الكيان الإسرائيلي أحدث إنجازاته في التطبيع مع دول عربية مؤخراً ومع ذلك عبّر عن نشوته بالبدء بسلب ثروة لبنان الغازية البحرية، ومواصلة الغارات على سورية، وقصف غزة واعتماده سلسلة اغتيالات للقادة الفلسطينيين، ومواصلة مخططات الاستيطان والتهويد، وفتح شهية المستوطنين على تدنيس الأقصى كخطوات ترسّخ تسويق المخطط الصهيوني المشهور الخاص بإنشاء الهيكل على أنقاض الأقصى..
وتقودنا التفاصيل إلى السؤال: هل الاحتلال الإسرائيلي يفهم لغة السلام؟
لا بد من إنعاش الذاكرة العربية لجهة بعض الوقائع، وهي أنّ الاجتياح الإسرائيلي للبنان انتهى بفضل فعل مقاوم، وبذات الفعل تمّ تحرير الجنوب اللبناني، كذلك الفعل المقاوم هو الذي مكّن من تطهير جغرافيا سورية كبيرة من أدوات إسرائيل الإرهابية.
والفعل المقاوم أثبت فاعليته في النتائج، بينما لغة السلام مع الاحتلال أثبتت أنّها لصالح استفراده بكل طرف عربي سواء من الأطراف التي لها علاقة مباشرة بالصراع أو الأطراف البعيدة نسبياً عن هذا الصراع.
وهكذا يمتلك الفعل المقاوم مقومات الواقعية وتحقيق الإنجازات بينما تزداد أبعاد الخيال والطوباوية في التقارب العربي الإسرائيلي الذي لا يؤدي إلاّ مزيد من سفك الدم العربي.