الثورة – عبد الحميد غانم
لاشك أن نضال الشعب الصيني الصديق من أجل تحقيق هدف ” صين واحدة ” هدف أصيل وثابت، وهو نضال طويل خاضه الصينيون لقيام وحدة الصين وللمحافظة على دولة جمهورية الصين الشعبية شعبا وأرضا وحضارة.
نضال طويل مر بمنعطفات تاريخية مهمة، بدأ مع النضال لتأسيس النظام الجمهوري الشعبي الدستوري للصين وإرساء قواعد وأسس “صين واحدة” من خلال وحدة الشعب والأراضي الصينية واستعادة الأجزاء المحتلة والانفصالية.
ولعل سور الصين العظيم والكثير من الصروح التراثية الحضارية شاهد حي وباق على نضال الشعب الصيني من أجل “صين واحدة”.
لقد تأسست جمهورية الصين الشعبية الصديقة، بعد أن نجح الوحدويون الصينيون في دحر الانفصاليين المرتبطين بالمشروع الغربي الإمبريالي الذين تجمعوا في تايوان.
واستطاع الوحدويون تحرير الأجزاء المحتلة من الأراضي الصينية من قبل الاحتلال الغربي الأوروبي ومن الانفصاليين الذين ارتبطوا بأجندات استعمارية غربية مثل النظام الإمبراطوري الياباني والنظام البريطاني وأنظمة غربية أوروبية واليوم بالولايات المتحدة الأمريكية.
استطاع الوحدويون الصينيون استعادة ماكاو التي كانت أرض صينية محتلة برتغالية وتنضم إلى أرض الجمهورية الشعبية الصينية، كما استعادوا هونغ كونغ.
أما تايوان التي هي جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية الواحدة ولا بد أن تعود إلى كنف الوطن الأم الصين، فبعد أن نجحت بداية الخطوات التوحيدية إلا أن التحرك المشبوه المعادي للغرب بدعم الانفصاليين في الجزيرة الصينية، أعاد التوتر إلى المنطقة وعطل جهود وخطوات الوحدة وعودة تايوان إلى الوطن الصيني.
اقرأ في الملف السياسي..
بذريعة حماية المضائق.. واشنطن تعزز قواعدها العسكرية في المحيط الهادئ
أدرك الوحدويون الصينيون مخاطر المشروع الاستعماري الغربي لتقسيم الصين وإحداث خلافات داخلية وأزمة هوية لتايوان كما حدث في شبه الجزيرة الكورية، فتبنى النظام الجمهوري الدستوري الشعبي في الصين، نظرا لمكانة تايوان الخاصة، مبدأ الحكومة الصينية الأساسية لحل مسألة تايوان يتمثل في “توحيد الوطن سلمياً ودولة واحدة ونظامان”. أي بعد تحقيق التوحيد بين ضفتي المضيق، لا يتغير النظام الاقتصادي والاجتماعي المطبق حالياً في تايوان، ولا يغير نمط حياتها، ولا تغير علاقتها الاقتصادية والثقافية مع البلدان الأجنبية.
وبهذا المبدأ استطاعت الصين أن تفشل مخطط الغرب وتقوض خطواته العدوانية وتذلل حججه الخبيثة لمنع عودة تايوان إلى الوطن الأم.
إنجازات الصين العظيمة في هدفها لتحقيق “صين واحدة”، إضافة إلى القوة الجبارة للصين اقتصادياً وتكنولوجياَ وسياسياً ودبلوماسياَ أغاظ كثيراً الغرب الاستعماري، لذلك لم يترك فرصة للتدخل في الشؤون الداخلية الصين من عناوين حق يراد بها باطل، مثل حقوق الإنسان والحريات، فمارس الحصار الاقتصادي والسياسي والتضليل الإعلامي لتشويه صورة النظام الجمهوري الدستوري الشعبي في الصين، ودعم الانفصاليين المرتبطين بالمشروع الغربي الإمبريالي لتعطيل جهود الشعب الصيني نحو ” صين واحدة “.
إن سعي الصين لتحقيق هدفها في وحدة أراضيها والمحافظة على وحدة شعبها هدف أساس وخط أحمر لا يمكن تجاوزه ولا يمكن التنازل عنه مهما كانت المعيقات الغربية، ولن تتراجع الصين عن هدفها لتحقيق ” صين واحدة ” مهما كانت التحديات الماثلة أمامها لأنه خط أحمر لا يمكن لأحد تجاوزه.
والصين أصبحت من الدول الكبرى وأحد الأقطاب الرئيسة اقتصاديا وتكنولوجيا وسياسياً وحضارياً، مدت العالم بالكثير من الإنجازات العلمية التي استفاد منها العالم في تقدمه.
وكلنا يقدر مبادرة الصين في الدعوة لقيام مبادرة الحزام والطريق على مبادئ السلم والتعاون الاقتصادي والتنمية بين دول المنطقة والعالم التي لاقت قبولاً واستحساناً من قبل الدول والحكومات، لكنها في ذات الوقت لم تحظ بقبول غربي بزعامة أمريكا لأنها رأت فيه تعطيلاً لمخططها الاستعماري العدواني للهيمنة على ثروات المنطقة والعالم والتصرف بتقرير مستقبلها وقرارها السيادي، فوضعت العصي في عجلات المبادرة من إنشاء حلف استعماري يضم أمريكا وبريطانيا واستراليا، أو من خلال الانسحاب الأمريكي المفاجئ من أفغانستان لتفجير الوضع في المنطقة، فضلاً عن التدخل الأمريكي والغربي في أوكرانيا وتوسيع الناتو شرقاُ وما خلفه من تأثيرات اقتصادية كارثية على العالم، لكنه في ذات الوقت أعاد الأمور إلى نصابها بزوال القطب الأمريكي الأحادي المهيمن وبروز أقطاب جديدة من بينها الصين ما يعيد التوازن للعالم.
إن جمهورية الصين الشعبية الصديقة التي استطاعت أن تمد العالم بأسباب وأسس العالم المتقدم والمتحضر التي ابتكرتها مثل الورق والتسليف المصرفي والبوصلة والعملة الورقية والبارود والألعاب النارية وغيرها وتحقيق كل المنجزات التاريخية وتعميق علاقاتها وشراكاتها الاستراتيجية مع دول العالم، قادرة على استعادة “صين واحدة” وجعلها أمراً واقعاً على الأرض وفرض إرادتها على القوى الغربية، لأنه حق أصيل ومطلب أساس لجميع الصينيين برغبتهم في إنجاز الخطوات التوحيدية.