الثورة- ترجمة ميساء وسوف
إن الإخفاقات الأخيرة في إدارة الخلافات الثنائية العميقة تخاطر بدفع العلاقات الصينية الأمريكية إلى منطقة جديدة من الخطر، مع اشتداد التنافس بين القوى العظمى، أفسحت الآمال السابقة في التعاون الفعال في معالجة قضايا مثل تغير المناخ والتأهب للأوبئة، الطريق لزيادة المخاوف من حرب محتملة على تايوان.
وهنا يكمن السؤال الهام والخطير، هل بإمكان واشنطن وبكين تجنب مواجهة عسكرية كارثية محتملة؟.
وصلت العلاقات الأمريكية الصينية إلى أدنى مستوياتها منذ عقود، وقد تصاعدت التوترات حول مجموعة من القضايا، كان آخرها قضية تايوان، ولكن في جوهرها، تعكس المنافسة بين القوتين تراكم الاختلافات الحادة في المصالح والقيم. ومع نمو قوة الصين وطموحاتها، توسعت المنافسة الثنائية لتشمل الآن الأمن والأيديولوجيا والتجارة والتكنولوجيا.
علاوة على ذلك، خلص كلا البلدين إلى أن الآخر يشكل تهديداً لمصالحه الحيوية، تنظر بكين إلى واشنطن على أنها تعمل بنشاط لاحتواء صعودها ومنعها من تحقيق “الحلم الصيني”، بينما ترى واشنطن أن بكين تسعى إلى إعادة تشكيل النظام الدولي بطرق غير” مقبولة”.
لقد ضعفت أو اختفت القيود والآليات السابقة التي خففت من حدة التنافس بين واشنطن وبكين، الشركات الأمريكية، التي كانت لعقود من الزمان بمثابة ثقل في العلاقة، أصبحت الآن أكثر صمتاً في دعمها لتوثيق العلاقات وأكثر انتقاداً للسياسات والممارسات الاقتصادية الصينية. لقد تحول الرأي العام في كل من الولايات المتحدة والصين تجاه الدولة الأخرى بشكل سلبي.
كما أن التعاون بين البلدين بشأن التحديات المشتركة مثل كوريا الشمالية، والصحة العالمية، والبيئة، والذي كان يوازن في الماضي دوافع التنافس، لم يعد له وجود.
في غياب قرار استراتيجي لوضع قواعد الطريق وحواجز الحماية، قد تستمر العلاقة في التدهور وربما تؤدي إلى الصراع الذي يسعى كلاهما إلى تجنبه.
السلوك العقلاني أمر بالغ الأهمية، ولحسن الحظ، هو النتيجة الأكثر ترجيحاً في الوقت الحالي، لا يستطيع أي من الجانبين تحمل المخاطرة بالتصعيد عندما يواجه حالياً تحديات داخلية مرهقة مثل السيطرة على الوباء، والانكماش الاقتصادي، والضغوط التضخمية القوية.
وبالنظر إلى هذه الخلفية، ليس من المنطقي إثارة المزيد من المشاكل في الخارج، وتتوق الصين إلى السلام لأسباب عديدة وجيهة، وستكون حكيمة ما لم يتم دفعها إلى الزاوية.
ردت الصين على زيارة بيلوسي إلى تايوان بإجراء تجارب ضخمة للصواريخ بالذخيرة الحية قبالة ساحل الجزيرة، وإلغاء اجتماعات مثل الاتصالات العسكرية. يشير المتفائلون إلى أن الصين فعلت الشيء نفسه في عام 1996 وأن الأمور لم “تغلي”، ويشير المتشائمون إلى أن الصين استثمرت جيشها بكثافة منذ ذلك الحين وتغير ميزان القوى المحلي.
قد تكون هناك نافذة ضيقة لإبطاء الزخم الخطير الناتج عن تداعيات زيارة بيلوسي الأخيرة إلى تايوان، وإذا قرر صناع السياسة في الولايات المتحدة والصين أنهم أفضل حالاً للتعاون الآن لمنع حدوث أزمة أسوأ لاحقاً، فهناك بعض الأمل، ولكن إذا أغلقت هذه النافذة ، فهناك مسارات محتملة للفصل الكامل، وخاصةً الفصل الاقتصادي المتسارع.
وقد كانت هذه العملية جارية قبل أزمة تايوان الأخيرة ، لكنها قد تتسارع إذا طبق الجانبان إجراءات جديدة. سيكون الخصمان المنفصلان اقتصادياً أقل تقييدًا في اختيار كيفية مواجهة بعضهما البعض.
وهناك أيضاً انهيار العلاقات الدبلوماسية، إذا أقر الكونغرس تشريعاً مثل قانون سياسة تايوان، والذي سيجعل تايوان “حليفاً من خارج الناتو” للولايات المتحدة، يمكن للصين أن ترد بخفض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة.
المشكلة الأساسية بالنسبة للصين الآن هي أن الولايات المتحدة مصممة على تحويل سياستها من “صين واحدة” إلى “صين واحدة وتايوان واحدة”، وهذا الاستنتاج الذي توصلت إليه الصين يفسر إشاراتها القاطعة إلى استعدادها للرد عسكرياً.
ومع تزايد مخاطر الحرب على تايوان، ألغت الصين من جانب واحد آلية “الاستقرار” الأمني للعلاقات الصينية الأمريكية. فقد تم إلغاء أربع قنوات عسكرية منفصلة، بينما تم تعليق ست قنوات أخرى (بما في ذلك التعاون في مجال المناخ) إلى أجل غير مسمى.
في غضون ذلك، تلوح في الأفق أحداث سياسية رئيسية، ففي الولايات المتحدة، ستدفع الحملات الانتخابية النصفية والرئاسية المرشحين إلى الالتفاف على بعضهم البعض، كما ستتجه تايوان إلى انتخابات رئاسية خاصة بها.
وفي الصين، سيدخل شي المؤتمر العشرين للحزب ساعياً لولاية ثالثة في السلطة باعتباره عضواً قوياً، مما يجعل السياسة الخارجية القومية المتزايدة أكثر احتمالية. كما سيكون التحدي هو الاستعداد لما كان البعض منا يجادل بأنه “حرب يمكن تجنبها”، دون تقريبنا من حافة الهاوية.
المصدر: Project Syndicate