كان يوماً علمياً مفيداً في رحاب مكتبة الأسد الوطنية بدمشق، حضور لافت ومميز ومستغرب بنفس الوقت، للوهلة الأولى ينتابك شعور مملوء بشك كبير.. هل بالفعل كل هذا الحضور مهتم ويعنيه البحث العلمي في سورية؟ وهل البحث العلمي وصل إلى هذه الدرجة من الاهتمام؟ وهل الظروف الحالية مناسبة للدخول فيما يسمى شعبوية البحث العلمي؟ أم أن الأمر يتعلق بمناقشة مشروع قانون يخص كل هؤلاء الحضور؟
كما نشرت الأخبار الرسمية والخاصة: كان على رأس حضور حلقة النقاش الواسعة في ورشة عرض المسودة الأولية لمشروع تحفيز البحث العلمي التي نظمتها ببراعة الهيئة العليا للبحث العلمي كل من وزير التعليم العالي الدكتور بسام إبراهيم ومعاون الوزير الدكتورة فاديا ديب وطيف واسع من الضيوف المدعويين من وزراء سابقين ورؤساء جامعات حكومية وخاصة حاليين وسابقين ورؤساء الاتحادات الاقتصادية أو ممثلين عنهم، وأغلب مديري الهيئات البحثية في سورية ومعاون رئيس هيئة التخطيط الدولي.
في النظرة الكلية فإن الأمر يتعلق بمشروع جديد لتحفيز البحث العلمي وتعريف الباحث، وتمويل البحث والمؤسسات الداعمة والطرح الجديد هو دخول الاستثمار على البحث العلمي لتعزيز الاقتصاد القائم على المعرفة، من خلال قوننة العلاقة بين المستثمر والباحث، وعلى سبيل المثال قد تكون حصة الباحث 30% والمستثمر 70 % إلى ما هنالك من محفزات ضريبية واردة أساساً في قانون الاستثمار 18 القائم حالياً، يعني قوننة ربط البحث بالسوق والحاجة، والخروج من كون البحث من أجل البحث.
بناء على ما سبق من الضرورة أن يدخل البحث العلمي – وبمحفزات حكومية – للتصدي لكل الحاجات الاجتماعية والاقتصادية التي خلفتها الحرب، نحن نعلم أن عمل البحث العلمي أشمل وأوسع من ذلك، لكن نحتاج اليوم إلى بحث علمي حقيقي وجاد حول الواقع الاقتصادي والمعيشي الذي وصلنا إليه مثل التضخم والركود التضخمي، ونحتاج إلى بحث في سلة المستهلك السوري والخطوات الواجب القيام بها، ربما في المرحلة الإسعافية أو المتوسطة أو البعيدة. ونحن ما نحتاج إلى الحل والحلول للكثير من المشكلات التي لا يقدر عليها إلا البحث العلمي، وإلا أصبح البحث ترفاً وهو ما لا يعنينا اليوم..
الهيئة العليا للبحث العلمي تعمل اليوم كجامع وميسر وداعم للبحث العلمي في سورية، خاصة أننا نملك بنى تحتية ومؤسسات بحثية كبيرة، تحتاج إلى الوعاء الحامل لها، وفي ذلك فالهيئة العليا تجسد الفكرة الجوهرية والأساس من إحداثها.