تتفاوت الآراء في مقدار المدى الذي يمكن أن يبلغه إبداع الإنسان، ولعل التحديات التي تواجهه في عمله وحياته اليومية تشكل أكبر امتحان أو ربما تشكّل سبراً لأغوار إبداع الشخص.. هذا على مستوى حياته الشخصية، فما بالك إن كان التحدي على مستوى قطاع بأكمله ويمس حياة الناس يوميا..!!
ورشات وندوات وحوارات وتصريحات ولقاءات لا تُعد ولا تُحصى تمت حول برنامج الإصلاح الإداري، وعلى مدى سنوات لتطوير عمل الإدارة العامة في البلاد، ولعل المتابع يعرف تماماً أن جوهر هذه العملية هو تقييم الكفاءات واستبقاءها ضمن محددات أبرزها الإنتاج المبدع والقدرة على التوافق مع معايير حوكمة العقل المنطقي، واعتبارها نقطة معيارية للانطلاق فوقها للعقل المبدع وبالتالي بقاؤه، وتحتها تراجعاً للعقل النمطي التقليدي، ما يعني الاستغناء عن خدماته..
وبالنظر إلى الحالتين الاثنتين السابقتين كيف يمكن التوفيق بينهما في حالات بعض الإدارات العامة في الجهاز الحكومي، فالمنطقي أن سنوات ثلاث كافية لتقديم المدير العام كل ما يمكنه من إبداع وحلول في جعبته، والبعض يعتقدها سنوات خمس، وليس في ذلك خلاف، كما هي كافية لتقييمه وتحديد مستوى عمله إبداعاً أو فشلاً، أما أن تستمر بعض الإدارات لمدد تفوق ذلك فهو أمر يحتاج إلى إعادة تقييم ودراسة متانية.
فما الفائدة المجنية من استمرار البعض في مناصبهم لمدد تقارب العقد من الزمان لدرجة باتت حالة التماهي قائمة وبوضوح بين شخصية المدير العام والمؤسسة التي يتولاها، في وقت تعاني فيه البلاد من نزيف الكفاءات الباحثة عن فرصة لتطبيق مشروع فيه الفائدة لعموم البلاد، ناهيك عن الفائدة المجنية من الاحتفاظ بأشخاص لا يذكر المواطن من أعمالهم سوى تجميد مؤسسات بكاملها حتى ينساها العام والخاص.. وبالتالي استمرار المدير العام فيها.