تدور معظم الملفات الدولية التي لا تخدم مصالح الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين بالأمم المتحدة في حلقة مفرغة دون اتخاذ قرار تجاهها وفي مقدمة هذه الملفات ما يتعلق بالسلم والأمن الدوليين وهذا يستدعي التوقف والسؤال عن مدى جدوى الأموال التي تدفعها باقي دول العالم لتمويل أعمال المنظمة الدولية وأجهزتها ومجالسها المتفرعة في العالم؟.
من الملفات الكثيرة التي بقيت حبرا على ورق في إدراج المنظمة الدولية رغم مراجعتها كل عام “إلزام إسرائيل بالانضمام إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وإخضاع جميع منشآتها لتفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية” و “إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وكافة أسلحة الدمار الشامل الأخرى في الشرق الأوسط”.
بالأمس ذكرت سورية عبر سفيرها الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في فيينا مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالملفين آنفي الذكر وبينت الأسباب التي منعت البت بهما والدول التي تحول دون ذلك وعلى رأسها الولايات المتحدة التي تناقض مشاركتها لدول أخرى في رعاية قرار الشرق الأوسط لعام 1995 وذلك بهدف حماية مصالح كيان الاحتلال الإسرائيلي.
إن إشغال الأمم المتحدة والمنظمات الدولية على الدوام باجتماعات لا جدوى منها بات استراتيجية للولايات المتحدة وحلفائها الغربيين لأسباب عديدة منها الاحتفاظ بالهيمنة الأميركية المطلقة على المنظمة والحؤول دون إنجاز عملية إصلاح الأمم المتحدة التي تدعو إليها الكثير من الدول.
في المدى المنظور كل الملفات المتعلقة بكيان الاحتلال الإسرائيلي والتي لا تحقق مصالحة لن يكتب لها الصدور أو التبني من قبل أجهزة الأمم المتحدة بسبب الموقف الأميركي الرافض والمعطل لجميع القرارات في هذا الشأن ولذلك لا قيمية لمثل هذه الاجتماعات التي تعقدها المنظمات الدولية ومكاتبها حول ملفات الشرق الأوسط ما دامت النتيجة الخالصة منها هي حماية الكيان الصهيوني الذي يقوم بتعزيز إمكانياته العسكرية النووية بشكل سري وتوسيع مفاعل ديمونه النووي دون أي رقابة دولية رغم ما يشكله من خطر نووي كبير على كل المنطقة وفقا لتقارير فنية غربية.
تتعمد الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون بتسخير هذه الاجتماعات لتحقيق مصالح أخرى لهم والتدخل في شؤون الدول التي تلتزم بالاتفاقيات الدولية عبر طرح ملفات اتهامية وهمية للتغطية على تعطيلهم البت بموضوع إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل ولعب مندوب الولايات المتحدة هذا الدور القذر في اجتماع مجلس محافظي الوكالة الأخير عبر طرحه ملفات ضد الدول التي تثير قضية “الملف النووي الإسرائيلي ومنها سورية في إطار سياسة المعايير المزدوجة التي تتبعها بلاده في التعامل مع القضايا الدولية.
بالتأكيد تتحمل جميع دول المنطقة مسؤولية عدم اتخاذ موقف صارم في الأمم المتحدة يطالب إسرائيل بالانضمام إلى معاهدة عدم الانتشار حيث تستغل الولايات المتحدة شرذمة مواقفها وتجيره لصالح إسرائيل ومنع أي دولة أخرى في الاستحواذ على الطاقة النووية المدنية.
إن كيان الاحتلال الإسرائيلي لن يخضع منشآته النووية للتفتيش من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية ما دامت الأمور المحيطة به على النحو الذي نراه منذ سبعة عقود حيث الكفة تعمل لصالحة داخل الأمم المتحدة ومع الولايات المتحدة والدول الغربية ومنطقيا هذا الموقف لن يتغير إلا في حالتين:
الأولى: توقف الدعم والغطاء الغربي لإسرائيل وهذا لن يحصل في المدى المنظور على الأقل.
والحالة الثانية: تتمثل بسعي دول المنطقة القادرة لامتلاك الأسلحة القادرة على التقليل من أهمية امتلاك هذا الكيان للسلاح النووي وعدم إمكانية استخدامه ما يدفع إسرائيل إلى إعادة النظر بموقفها الرافض لجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل وتحقيق ذلك يرتبط باتفاق دول المنطقة على اتخاذ هذا القرار الذي قد يكون الحل الوحيد لإخضاع إسرائيل في ظل خطورة الخيارات الأخرى.