الثورة_هفاف ميهوب:
من منّا لا يعرف مقولة العالِم والفيلسوف الفرنسي “رينيه ديكارت”: “أنا أفكّر.. إذاً أنا موجود”؟. المقولة الفلسفية التي أكّد بها وجوده من خلال تفكيره.. التفكير الذي قد يكون غير مجدٍ أو بنّاءٍ، عندما يلازم الإنسان العادي الذي تشغله هموم الحياة ومشاكلها واحتياجاتها، والذي حتماً سيكون تفكيرا عميقا وواعيا، عندما يلازمُ مفكرين وفلاسفة ومبدعين، أصيبوا بـالحمّى ذاتها التي أصيب بها الأديب الروسي الكبير “دوستويفسكي” وهو يفكّر: “أفكّر فيما حدث، وما سيحدث، وما قد يحدث.. أفكّر في الأشياء التي لن تحدث، وماذا سيحدث لو حدثت فعلاً”..
نعم، لا يتوقف هؤلاء عن التفكير، وإن حاولوا التوقف سيكون حالهم، كما وصفه المؤلف والكاتب المسرحي الساخر “برنارد شو” عندما قال: “إن حاولت التوقف عن التفكير لعدّة دقائق، ستجد نفسك محاصراً بالأفكار من جميع الجهات”..
لا يتوقف هؤلاء عن التفكير، ولا تشغلهم مجرّد فكرة أو حتى اثنتين، فهم في تطوّرٍ متتابع ومتجدّد الإبداع.. تماماً، كما “هنري ديفيد ثورو”.. الكاتب والشاعر والفيلسوف الأميركي الذي وجد: “فكرة واحدة لن تغيّر شيئاً في العقل.. تتابع الخطوات سيعبّد الطريق، كما أن الكثير من التفكير، سيصنع المستحيل الذي سيغير حياتنا”…
كلّ ما أوردناه، وسواه مما لم نغفل عنه، ولكننا اقتبسنا هواه.. كلّ ذلك، يجعلنا نتألم من زمنٍ، لا جدوى فيه من أيّ تفكيرٍ، يُفترض أنه عميق وواعٍ وبنّاء:
الجميع يفكّر فيما حدث، وما سيحدث، وما قد يحدث، وفي كلّ الأشياء التي لن تحدث، وعما سيحدث لو حدثتْ فعلاً.. الجميع يفكّر، وإن حاول أحدهم الابتعاد عن التفكير ولو دقائق، يشعر بأنه محاصرٌ بالتفكير من كلّ الجهات..
الجميع يفكّر، ويتساءل دون أن يتوقف عن التفكير: هل أنا فعلاً موجود؟!!..