الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
توقفت العلاقات الأوروبية – الصينية منذ نهاية عام 2020، وأصبح تسييس التفاعل الناجم عن كل من التفاوت الموضوعي في تطوير الشراكات التجارية والاستثمارية، ورغبة بروكسل في السيطرة على علاقات الدول الأعضاء مع الصين، هو الاتجاه الرئيس في تطوير الحوار في النصف الثاني من عام 2010، والذي أدى إلى تحول بكين من “شريك استراتيجي”، إلى “شريك استراتيجي ومنافس منهجي”.
وصلت نزعات المواجهة إلى ذروتها في عام 2021، أولاً على خلفية الاتهامات التي تزعم أن الصين انتهكت حقوق الإنسان في شينغيانغ وما تلاه من تبادل للعقوبات، فضلاً عن فشل التصديق على اتفاقية الاستثمار الشامل، التي كان نصها غير مكتمل اعتباراً من نهاية عام 2020 ثم تركت ليتوانيا تنسيق 17 + 1، ما أدى إلى فرض قيود تجارية كبيرة على الجانب الصيني ودعوى جماعية من الاتحاد الأوروبي ضد الصين في منظمة التجارة العالمية.
بالنظر إلى أن خط عموم أوروبا يكتسب طابعاً وقائياً مميزاً، يمكن تعديله من قبل الدول الأعضاء التي هي أصحاب المصلحة في الحوار، وفي المقام الأول ألمانيا.
فقد كان من المقرر أن تتخذ حكومة أولاف شولتز قرارات إستراتيجية غير مخطط لها فيما يتعلق بجميع الشركاء الرئيسيين خارج الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين، قد يكون لهذا عواقب أساسية على العلاقات الأوروبية الصينية.
تاريخياً، كان لألمانيا تأثير جوهري على إنشاء نموذج للتفاعل بين الاتحاد الأوروبي والصين.
في التسعينيات، كانت مصالح الصادرات الألمانية هي التي أدت إلى إعطاء الأولوية للمكاسب الاقتصادية، وإلى حد ما عدم إعطاء الأولوية للمخاوف السياسية.
في وقت لاحق، بذلت حكومة غيرهارد شرودر، الذي اكتسب سمعة كمروج للمصالح الصينية في أوروبا، جهوداً كبيرة لتطوير الحوار، وبعد أزمة منطقة اليورو في عام 2010، تم دعم الحوار من قبل حكومة أنجيلا ميركل، خلال هذه الفترة، كانت مصالح الأعمال بشكل أساس صناعة السيارات والاهتمامات الهندسية من أولويات الحكومة الألمانية، ودافعت ميركل أيضاً حتى النهاية عن استقلال الخط الألماني وخط عموم أوروبا فيما يتعلق بالصين كبديل للنفوذ الأمريكي ووسيلة لتجنب الازدواجية القطبية.
ومع ذلك، أدى وصول الحكومة الجديدة إلى توقف استراتيجي في العلاقات الألمانية الصينية أيضاً، وفي آب الفائت، أصبح من المعروف أن الاستراتيجية الألمانية للصين سيتم تحديثها بحلول أوائل عام 2023.
التغييرات في موقف ألمانيا ترجع إلى حد كبير إلى عوامل خارجية، ونمو دور بكين في الشؤون الدولية في حد ذاته يحفز مشاركة الحجج الجيو سياسية في البيانات المتعلقة بالصين و”خروجها عن الخطاب البراغماتي”.
تجلى هذا في المبادئ التوجيهية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ لعام 2020، حيث علقت برلين على الحاجة إلى التنشيط والرغبة في الاستقرار والنظام “القائم على القواعد” في المنطقة، فيما يتعلق بالتنافس الاستراتيجي بين الولايات المتحدة الأميركية والصين.
لا تركز الوثيقة على الجيش، لكنها تشير إلى الحاجة إلى إقامة المصالح وحمايتها. بشكل غير مباشر، تفاقم الشعور بعدم الاستقرار فيما يتعلق بالصين بالنسبة لألمانيا بسبب تصاعد التوتر في أوروبا، الأمر الذي يشير بالفعل إلى الخروج عن تأسيس نهج فردي فيما يتعلق ببكين لصالح نهج عموم أوروبا.
على الرغم من حقيقة أن مسار ألمانيا الدفاعي تجاه الصين لا يمكن اعتباره نهائياً أو ثابتاً، إلا أن تعزيز موقعها الجيو سياسي يجعل موقف برلين أقرب إلى باريس.
لم تكن هناك خلافات جوهرية بين أكبر دولتين في الاتحاد الأوروبي حول القضية الصينية، ولكن بالنسبة لباريس، كان الاهتمام بالتعاون تاريخياً مدفوعاً باعتبارات استراتيجية وجيوسياسية، والترابط الاقتصادي بين البلدين ليس مرتفعاً جداً، وبالتالي فإن اهتمام باريس بالحفاظ على اتجاهات التعاون كان أقل في السنوات الأخيرة.
لا يقل الخط الأوروبي الصيني في هندسة السياسة العالمية أهمية عن العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية والصين أو العلاقات الروسية – الأمريكية، أو العلاقات الروسية – الصينية، حيث كان وجودها وامتلاكها للديناميكيات المستقلة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين دليلاً واضحاً على تعدد الاتجاهات في التنمية العالمية، وتعقيد بنية العلاقات الدولية.
