الثورة – عمار النعمة:
نحتفي اليوم بانتصار تشرين العظيم.. وماتزال صفحاته تتسع لنعيد ونستذكر رواية ما حدث طوال تلك العقود، فتشرين لم يعد ذاكرة في أيام مضت وإنما استحضار للحاضر واستعادة للماضي فهما متشابهان في أدوات العدوان، حتى لو تغيرت الأشكال والنماذج.
السوريون الذي يحيون ذكرى حرب تشرين التحريرية يواصلون معركتهم ضد الإرهاب، ويسجلون يوماً بعد يوم انتصارات عظيمة تخطت كل ما عرفته البشرية وما شهدته في عقودها الحديثة.
ولأن تشرين فتحت أبواب الأمل والعزة والفخار من خلال انتصاراتها المجيدة التي تغنى بها الكثير من الشعراء فها هو الشاعر الدمشقي (نزار قبَّاني) يتساءل عن سر هذا الجمال الذي حققه الانتصار فيقول:
جاء تشرين.. إن وجهك أحلى
بكثير ما سِرُّه تشرين؟!
كيف صارت سنابل القمح أغلى
كيف صارت عيناك بيت السنونو؟!
يا دمشق البسي دموعي سواراً
وتمنَّي.. فكل صعب يهون.
ولايمكننا الحديث عن تشرين دون التطرق إلى شاعر الطفولة سليمان العيسى الذي استل قلمه كما يستل المحارب سيفه دفاعاً عن قضايا أمته، فرغم تنوع الإبداعات الأدبية في هذا الجانب إلا أن الشعر كان ديوان الحرب وقتها دون منازع فها هو الشاعر يتغنى بزهوة النصر الكبير فقال:
على أقدامنا سقط المحال
وأورقت الرجولة والرجال
سرايا من ترابك يا بلادي
نبتنا من شموخك مانزال
ولبيناك يا تشرين سلها
تلال النار تذكرنا التلال
مشينا والصواعق في خطانا
وعشب القادسية والظلال.
حرب تشرين فخر سوري وعطاء واستمرارية، وهو الفعل الحضاري والثقافي والإنساني الذي أنجزه السوريون ليغيروا المعادلات وليضعوا نقاط التحول الأساسية كما يفعلون اليوم في معركتهم الأخيرة فيزدهي بهم التاريخ ويتحدث عنهم في كتبه.
نعم.. لتشرين ومآثره وبطولاته صورة محفورة في الذاكرة الجمعية للسوريين خاصة ولأبناء الأمة العربية على وجه العموم، فهي التي شكلت مفصلاً مهماً في تاريخ العرب الحديث بنتائجها ومضامينها.
سنبقى نحتفي بتشرين المعلقة في وجداننا، وسنرسم في قلوبنا بعد عشرة أعوام ونيف من العدوان لوحة وطن ضحّى وصمد وقاتل وانتصر في ملحمته الوطنية بنسختها الجديدة للحفاظ على حريته واستقلاله واستعادة اراضيه المحتلة.
