إيهاب زكي- كاتب فلسطيني:
في حديث السيد حسن نصر الله بمناسبة المولد النبوي الشريف، والذي تطرق فيه لقضية ترسيم الحدود البحرية مع الكيان المؤقت، وضع على النقاط الحروف، وأهم تلك النقاط على المستوى الداخلي، ما أكد عليه من أنّ المقاومة ليست بديلاً عن الدولة، وليست كياناً موازياً، كما أنّ المقاومة لا علاقة لها بتحديد الخطوط التي تخضع للتفاوض.
أمّا على المستوى الخارجي، فكان السيد حسن نصر الله متواضعاً، حيث لم يُعد رضوخ الكيان للحقوق اللبنانية، إلى قوة المقاومة وتهديداتها الجدّية، بل أعاده لتماسك الموقف اللبناني الرسمي، رغم معرفة الجميع، بأنّه لولا قوة المقاومة وصرامتها، لتجرأ الكيان المؤقت، ليس فقط على غاز لبنان وثرواته البحرية، بل لاستباح كل شيء بحكم طبيعته العدوانية.
بعد إعلان لابيد التوصل لاتفاق ترسيم الحدود، حيث سمّاه إنجازاً تاريخياً، قال نتن ياهو إنّه خضوعٌ تاريخي، وأنّ صفقة لابيد خطرٌ على أمن”إسرائيل”، حيث أنّها تعني أننا نقابل التهديد بالاستسلام.
ومن الواضح أنّ نتن ياهو أصاب كبد الحقيقة، ولكن من جانبٍ آخر فإنّ نتن ياهو لو تبادل الأدوار مع لابيد، وهو من كان في رئاسة الحكومة، لقال إنّها إنجازٌ تاريخي، وأيضاً كان ليقول لابيد إنّه الخضوع التاريخي والاستسلام، خصوصاً أنّ ضعف قوة الردع الصهيونية على المستوى العسكري، لا تعطي السياسيين الكثير من الخيارات.
كما أنّ السُعار الانتخابي في كيان العدو، يجعل من اتساع الفمّ استراتيجية ناجعة، فكلما كان صوتك أعلى وأخشن، كانت حظوظك أكبر، وهذا في ظل العجز العسكري، حيث أنّ صناديق الانتخابات في الكيان المؤقت، كانت دائماً معبّدة بالدماء العربية، فالحزب الأقدر على سفك دمٍ عربيٍ أكثر، كانت حظوظه في الأصوات أكبر، أمّا مع العجز فقد تم استبدال سفك الدم بسعة الفم.
إنّ نجاح لابيد بعد هذا الاستسلام، سيعني أنّ مجمع المستوطنين بدأ يصل لقناعةٍ مفادها، أنّهم يعيشون في كيانٍ واهن، وأنّ تجنب الصدام المباشر والمفتوح، هو الطريقة المثلى، لضمان البقاء بعض السنين الإضافية في هذه البلاد، وهذا يعني أنّ أقدس أقداس الكيان، وهو التفوق العسكري وبالتالي الأمن والطمأنينة، قد أصبح شيئاً من التاريخ، أمّا نجاح المنافس الذي يتبنى إلغاء الاتفاق بعد نجاحه نتن ياهو، فهذا يعني أنّ مجمع المستوطنين تغلبت عدوانيته على عقلانيته.
وقد يظل الكيان في حالةٍ من التيه، حيث تكون المقاعد حسب النتائج، لا تعطي حزباً منفرداً أو تكتلاً لتشكيل حكومة، وهذا هو المرجح، حيث فقد الكيان القدرة على إنتاج حوكمة رشيدة، وهذا أحد مظاهر التحلل والانهيار.
ولكن ما يهمّ في هذه اللحظة أنّ مشاهد توقيع الاتفاق إن تمت، ستكون بمثابة صك استسلام، وهذا يعني أنّ المستقبل سيكون مليئاً بتلك الصكوك، حيث اعتاد الكيان تقديمها.