هي مشكلة تزداد تعقيداً مع تقادم الزمن وبقائها دون معالجة أول حل، فمن حين لآخر نسمع عن تهاوي سقف أو جدار أو ربما انهيار جزء من أحد المنازل في مدينة دمشق القديمة داخل السور، والسبب يعود إلى عدم قدرة أصحابها على القيام بأي عمل ترميمي يمنع هذا السقوط المستمر، لكونها مصنفة منطقة أثرية، وأي ترميم أو معالجة لا يمكن القيام بها إلا بعلم وموافقة مديرية الآثار وربما الأمر يحتاج إلى معاملات ورقية ومخططات وغيرها…
الأمر برمته بات بحاجة إلى اعتماد مبدأ أساسي ينطلق من ضرورة الحفاظ على هذا الإرث المادي الذي تكتنزه مدينة دمشق القديمة والذي لا يقدر بثمن بالنظر إلى أهميته التاريخية والثقافية والاجتماعية، خاصة أنه يرتبط بمرحلة زمنية من عمر المدينة ارتبطت بأحداث مهمة مرت عليها..
ولعلنا هنا نلفت النظر إلى ما تقوم به الأمانة السورية للتنمية وبعض الجهات والمنظمات الأهلية في مساع مشكورة لإعادة ترميم الأسواق الأثرية القديمة في عدد من المدن والمحافظات، وهو المشروع الأهم في مسيرة الحفاظ على تراثنا المادي الذي يثبت تجذر سورية عبر التاريخ، وقد تم قطع شوط مهم في هذا المجال بعد ترميم سوق السقطية في حلب وأسواق أخرى تمت المباشرة بها في حمص ودير الزور وحماة وما يلحق بها من أسواق أثرية في باقي المدن السورية.
هذا الاهتمام البالغ يجب أن يكون دافعاً للمعنيين في دوائر الآثار ليحذوا حذوه ويضع على أجندات عملهم رؤى وتصورات وبرامج زمنية من شأنها إعادة الألق للبيوت القديمة في دمشق القديمة بعد ترميمها بالشكل اللائق والمحافظة عليها لتبقى مستمرة تتحدث عن تاريخ هذه المدينة وعراقتها وأصالة إنسانها.
فاليوم يجب أن يكون الحرص أشد وأقوى في ضوء ما تسعى إليه قوى العدوان والشر في العالم لطمس الهوية وتغيير المعالم وفصل الأجيال عن تاريخها وإرثها الحضاري في المنطقة وفي سورية تحديداً وهذا ما يضاعف المسؤولية على المعنيين في السعي لإيجاد حلول جذرية لمعالجة واقع البيوت الدمشقية القديمة التي بدأت تتهاوى وتتساقط أسقفها وجدرانها وتتعرض للحرائق والتهدم نتيجة الإهمال وعدم الاهتمام بها.