الملحق الثقافي – عبد الحميد غانم:
ارتبطت العنصرية بالحركة الصهيونية فكراً وممارسة منذ تأسيسها، اذ استندت في قيامها على أكاذيب وأضاليل دينية وسياسية وخرافية لا أساس في الواقع.
واعتمدت القوة في منهجها لتحقيق أطماعها كخيار متأصل ومستمر وليس خياراً ظرفيّاً تحكمه العوامل الطارئة، وشكلت التربية العنصرية ملازمة لأهدافهم ومساعيهم في استخدام هذه القوة وتوجيهها لدعم مخططاتها في صراعها مع العرب، اعتماداً على عنصرين مهمين: حيازة أقوى عتاد عسكري واستخدامه بأقسى طريقة ممكنة واعتماد التفوق العسكري، وإعداد أجيال متتابعة من أبناء الصهاينة مشحونة بالعداء والكره والقسوة للقيام بممارسات وحشية وعدوانية.
وقد حرص «الآباء المؤسسون» على توريث ثقافة القوة والعنصرية الدينية عبر التعليم الممنهج من خلال تدريب الأطفال على حمل أنواع مختلفة من الأسلحة والذخائر واستخدامها، وزرع العقيدة القتالية داخل عقولهم لكي لا يلجؤوا إلى السلام بديلاً للحرب حتى تتحقق أهدافهم.
على جانبٍ آخر، يقوم الإعلام المرتكز بدوره كسلاح معنوي على تصدير ثقافة الحروب وتقديس جيش الاحتلال الإسرائيلي حتى في أدق برامج الترفيه والأغاني والرقص التي تقدمها قنوات التلفزة الإسرائيلية لأطفالها وشبابها.
«إن شمعون الطيب أهدى صديقه العربي في ليلة زفافه قطعة من الصابون فما كان من العربي إلا أن أكل قطعة من الصابون وأطعم عروسه والحاضرين وهنا تدخل شمعون قائلاً: هذه ليست قطعة حلوى وإنما صابون لإزالة قذارتك وأوساخك».
هذه واحدة من أشهر القصص في المنهاج الإسرائيلي الذي يدرس في المدارس، وهي نتيجة طبيعية لجهاز تعليمي في كيان الاحتلال خضع منذ بداياته لأسس أيديولوجية متمثلة في المعتقد الصهيوني، وذلك من خلال الاستعانة بالأكاذيب الدينية والتي تهدف إلى تبرير وجود الاحتلال وممارساته العنصرية.
إذا التربية الإسرائيلية هي إحدى الأسس التي يرتكز عليها كيان الاحتلال في بناء أجياله الناشئة لتكون قادرة على تحقيق الهدف الصهيوني الأول وهو «إقامة الكيان اليهودي المستند إلى مقولة مضللة شعب الله المختار» على أرض فلسطين.
يقول الباحث في الشؤون الإسرائيلية صالح لطفي إن يهودية التوجه التربوي منذ قيام إسرائيل تعتمد على قانون التعليم للكيان الإسرائيلي في عام 1953، والذي تنص المادة الثانية منه على «أن التعليم في إسرائيل يجب أن يرتكز على قيم الثقافة اليهودية والولاء لإسرائيل وشعبها، والعمل على تحقيق مبادئ الريادة في العمل الطلائعي الإسرائيلي»، وأضاف لطفي أن الإسرائيلية تبدأ باستحضار تاريخ اليهود المليء بالمآسي بدءًا من السبي البابلي ودمار الهيكل الأول، مرورًا بالمواجهات مع اليونان، وانتهاءً بخراب الهيكل الثاني والسبي الروماني وحتى الهولوكست، لافتًا إلى الشعار الأساسي عند الأدباء اليهود «لا ننسى .. ولن نغفر»، لكي تبقى الأحقاد متوالية جيلاً بعد جيل.
العدد 1116 – 18- 10-2022