الملحق الثقافي – ديب علي حسن:
حين كان أحد الصحفيين يحاور الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل سأله عن الإمبراطورية الأميركية فما كان من هيكل إلا أن صحح المصطلح وقال للصحفي: لا يوجد الآن في العالم إلا امبراطورية واحدة ليست أميركا إنما هي بريطانيا…فاللغة الإنكليزية هي التي جعلت بريطانيا امبراطورية دائمة ما دامت لغتها هي الأكثر انتشاراً واستخداماً في العالم.
وبهذا المعنى كان تشرشل قد قال ذات يوم: يمكن لبريطانيا أن تتخلى عن كل مستعمراتها ولا تتخلى عن شكسبير …
في الحالتين الأولى والثانية ثمة حقيقة يجب الاعتراف بها ألا وهي أن اللغة هي التي تحمل الإرث الثقافي والفكري والعلمي وبمقدار ما ينتج متكلمو اللغة علوماً وأدباً وفكراً يكون الانتشار اللغوي ..
ولكن هل يعني أن ثقافات العالم هي أقل وأدنى..؟
بالتأكيد: لا..ليست أدنى ولا هي أقل قيمة جمالية وفكرية إنما الأمر القدرة على الاختراق والترويج والعمل على المنافسة ..والثقافات يجب أن تتكامل لا أن تحترب ..لكن الواقع أن الحروب كلها من منشأ ثقافي فكري تماماً..
وكان صموئيل هنتغتون محقاً عندما تحدث عن صدام الثقافات ـ وليس كما ترجم إلى العربية صدام الحضارات ـ تحدث عن الثقافات السائدة وعن نقاط قوتها والتقائها وافتراقها، وخلص إلى القول إن الثقافة الغربية هي التي يجب أن تسود وتبقى ..بل هي التي يجب أن تقود العالم وتنتصر، وفي هذا عاد إلى نظرية مركزية الثقافة الغربية..
وثمة من يرى أن نوبل الآداب العالمية هي أيضاً إلا ما ندر تدخل في هذا التنمر الثقافي ولا تذهب إلا لمن يدور في فلك المركزية الغربية..بمعنى آخر لا ترى إلا الإبداع الغربي وإن كان ثمة طفرات أخرى قد حدثت فلم تكن إلا لتصب في هذا المنحى.
والتنمر الثقافي ليس بين الثقافات العالمية إنما حتى في الثقافة الواحدة وضمن البلد الواحد..
العدد 1116 – 18- 10-2022