السعر على الخاص

لا يكون المستهلك دائماً مُهيّأ نفسياً للمجادلة مع التاجر عندما يريد أن يشتري سلعة معينة، ولا يكون مستعداً أحياناً حتى لمجرد السؤال عن السعر، ولا سيما في مثل هذه الظروف التي تتعرّض فيها الأسعار لالتهاب شديد يقزّز النفوس، فالمجادلة أو المساومة تجدي في أغلب الأحيان بتخفيضات مدهشة تؤكد حجم التلاعب الكبير الذي يمارسه بعض التجار في إذكاء الأسعار اشتعالاً، ولكنها بالنهاية تضع المستهلك في موقف محرج، إذ يبدو أمام التاجر أحياناً كمتسولٍ منهور لا يكف عن الاستجداء، ولذلك يتجنّب الكثير من المستهلكين الدخول في هذه المعمعة.

الإعلان عن الأسعار بشكل واضح يبعث على الارتياح عند الزبائن، ويخلق في نفوسهم ثقة تراكمية في العمل التجاري، لأن التاجر لا يستطيع أن يجازف ويعلن عن سعر غير صحيح كي لا يضع نفسه أمام مسؤوليات جرميّة تبعاً لقانون وأنظمة التجارة الداخلية.

فالإعلان عن السعر حالة حضارية لم نرقَ إليها بعدُ على ما يبدو، وهي تمنح السوق ثقة متبادلة بين أطرافه المتعددة، وتُعفي المستهلكين من هموم المجادلة والمساومة، فضلاً عن كونها تعبير عن الالتزام بالقانون.

فعلى الرغم من أن القوانين السورية بهذا المجال – المشرّعة منها سابقاً والمُنهى العمل بها، والمُعدلة والنافذة حالياً – كلها تقر بإلزام التاجر بالإعلان عن السعر، ومع هذا نشتهي مشتهى أن نجد سلعة مسعّرة في كل الأسواق السورية، فقلّة قليلة من التجار يلتزمون أحياناً بالقانون ويعلنون عن السعر، بينما الأغلبية العظمى لا يفعلون ذلك، تاركين الباب مفتوحاً لمكايدة الزبائن ومجادلتهم واستغلالهم ورفع ضغطهم.

الأنكى من ذلك أن نهج المكايدة هذا تسرّب إلى أحدث ما توصّل إليه العلم، فدخل باب التكنولوجيا من بابه العريض، ولكنه – عندنا – بدلاً من أن يتأقلم مع التكنولوجيا وتشدّه إليها لتسهيل الأمور على البشر، صارت التكنولوجيا هي التي تتأقلم مع ذلك النهج ويشدها إليه نحو الخلف، حتى باتت عبئاً جديداً علينا – معشر المستهلكين – بدلاً من أن تكون عاملاً مخففاً للأعباء.

فقد انتشرت في هذه الأيام وعلى نطاق واسع صفحات عديدة على مواقع التواصل الاجتماعي، تمتهن عمليات التجارة الإلكترونية، وهي تعرض سلعاً مختلفة جديدة ومستعملة، وبعضها يمتهن بيع وشراء العقارات بمختلف أشكالها وألوانها، وصفحات أخرى متخصصة في بيع وشراء السيارات (المطرطقة) منها والفارهة، فضلاً عن الكثير من الأدوات المنزلية والملابس والعطور والجلديات والأثاث المنزلي .. وما إلى ذلك …

القاسم المشترك العريض الذي يجمع هذه الصفحات هو إخفاء السعر وعدم الإعلان عنه، فأغلبهم – إن لم يكونوا كلهم – يقولون : ضع نقطة .. أو علق بـ (تم) ليصلك السعر على الخاص..!

هكذا يقتحمون التكنولوجيا ويرغمونها على التخلف في خدمة آلاعيبهم، رغم أن هذا السلوك المتخلف يفوّت عليهم الكثير من الفرص الحقيقية فضلاً عن وضعهم في دائرة الاشتباه وفقدان الثقة وعدم اليقين.

أنا فقط أريد أن أهمس في أذن هؤلاء أن شركة (أمازون) العالمية التي تمتهن هذه الطريقة في التسويق، لا تعرض أي منتج ولا سلعة إلا ويكون السعر محدداً وواضحاً، واستطاع (جيف بيزوس) مالك هذه الشركة من خلال صدق التعامل، وحسن استثمار التكنولوجيا أن يكتسب ثقة المستهلكين في مختلف أرجاء العالم، وقد وصلت ثروته اليوم إلى أكثر من / 143 / مليار دولار.

أما أنتم يا أصحاب هذه الصفحات المتخلفة القائمة على الآلاعيب ونصب الأفخاخ فلن تنالوا من الجمل عشر أذنه.. ولاقوا لي على الخاص.

آخر الأخبار
40 بالمئة نسبة تخزين سدود اللاذقية.. تراجع كبير في المخصص للري.. وبرك مائية إسعافية عيد الأضحى في سوريا.. لم شمل الروح بعد سنوات الحرمان الدفاع المدني السوري.. استجابة شاملة لسلامة الأهالي خلال العيد دمشق منفتحة على التعاون مع "الطاقة الذرية" والوكالة مستعدة لتعاون نووي سلمي حركة تسوق نشطة في أسواق السويداء وانخفاض بأسعار السلع معوقات تواجه الواقع التربوي والتعليمي في السلمية وريفها افتتاح مخبز الكرامة 2 باللاذقية بطاقة إنتاجية تصل لعشرة أطنان يومياً قوانين التغيير.. هل تعزز جودة الحياة بالرضا والاستقرار..؟ المنتجات منتهية الصلاحية تحت المجهر... والمطالبة برقابة صارمة على الواردات الصين تدخل الاستثمار الصناعي في سوريا عبر عدرا وحسياء منغصات تعكر فرحة الأطفال والأهل بالعيد تسويق 564 طن قمح في درعا أردوغان: ستنعم سوريا بالسلام الدائم بدعم من الدول الشقيقة تعزيز معرفة ومهارات ٤٠٠ جامعي بالأمن السيبراني ضيافة العيد خجولة.. تجاوزات تشهدها الأسواق.. وحلويات البسطات أكثر رأفة عيد الأضحى في فرنسا.. عيد النصر السوري قراءة حقوقية في التدخل الإسرائيلي في سوريا ما بعد الأسد ومسؤولية الحكومة الانتقالية "الثورة" تشارك "حماية المستهلك" في جولة على أسواق دمشق مخالفات سعرية وحركة بيع خفيفة  تسوق محدود عشية العيد بحلب.. إقبال على الضيافة وتراجع في الألبسة منع الدراجات النارية بحلب.. يثير جدلاً بين مؤيد ومعارض!