العاطلون عن العمل والعاطلون عن التفكير

عالم اليوم هو عالم الأرقام والحسابات وعالم الأفكار والمعرفة وتحليل البيانات والمؤشرات والاستطلاع وقياس المردود فالسياسة اليوم هي رياضيات وفيزياء وكيمياء وليست انشاء وتعبيراً، وعند الحديث من هنا تصبح القضايا المتعلقة بالبنية العلمية وطريقة التفكير أو الذهنية التي تحكم المجتمع ذات أهمية استثنائية توجب على المعنيين بالشأن الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وحملة الأقلام والباحثين في الدراسات الانثربولوجية إيلاء هكذا قضايا ما تستحقه من اهتمام لجهة أنها ذات تأثير كبير على المجتمع و ديناميكيته وتطوره المستقبلي وحق الأجيال في العيش بكرامة ووئام وانسجام.

ولعل ما يميز الدراسات المتعلقة بالتنمية البشرية اهتمامها بالمؤشرات الرقمية المتعلقة بالمستوى العلمي والمعرفي لمجتمع من المجتمعات ولعل ما يعنينا في هذا المقام هو الدراسات المتعلقة بالمجتمعات العربية ومنها مجتمعنا العربي السوري الذي يعيش ظروفاً صعبة واستثنائية بفعل الحرب بل الحروب التي شنت عليه بأشكالها المختلفة، وبالإشارة للمجتمعات العربية وهو مجال حديثنا حيث تشير الدراسات المشار إليها أن أغلبها لم يفك ارتباطه بالجهل والأمية وفق تعريفها الحديث حيث تشير تقارير التنمية البشرية إلى أن الأمية في أحسن حالاتها إذ يبلغ عدد الأميين في الدول العربية حوالي 100مليون يضاف إليهم أكثر من 60 مليون عاطل أو معطل عن العمل، ولم تشمل الدراسات والإحصائيات العاطلين او المعطلين عن التفكير بحكم التنويم السياسي والاجتماعي؟ ولا شك أن تحليل مثل هذه الأرقام والوقوف على نتائجها هو مسألة غاية في الأهمية لأنه يفسر إلى حد كبير حالة التخلف والفجوة الحضارية بيننا وبين شعوب العالم، علماً ان الوطن العربي هو من أغنى دول العالم بالثروات ولكنها ثروات مبددة وبعضها معطل ولا شك أن معالجة أي ظاهرة اقتصادية أو اجتماعية يقتضي تحليلها بشكل علمي والوقوف على أسبابها الحقيقية وتقديم الحلول الموضوعية العلمية لها وبظني أن ثمة أسباب تفسر ذلك ولعل ما يعنينا في هذا المجال التركيز على الجانب المتعلق ببنية المجتمع الثقافية وذهنيته وطريقة تفكيره ومنظومته الأخلاقية والمقصود بها النظرة المجتمعية للعمل كقيمة ومعيار دونما إغفال لدور الدولة وسياساتها وتأثيرها الفعال في ذلك من عدمه، وهنا يمكن إدراج مجموعة من العناصر التي تعطي مؤشرات حول ذلك وهي عناصر يجمع عليها أكثر المهتمين بالدراسات الاجتماعية والاقتصادية ويمكن تحديدها وفق الآتي :

1-حالة الثقة بين أفراد المجتمع وتأثيرها في تسهيل المعاملات هل هي سرية أم شفافة أم متخابثة؟

2- العمل وموقعه في ثقافة المجتمع كما أشرنا سابقاً محبة العمل أم الركون إلى الكسل؟

3-قيمة حب المال والربحية والادخار حيث تقسم المجتمعات إلى مجتمعات طاردة للمال وجاذبة له؟

4-الموقف من الثروة هل تتم صناعتها وحيازتها أم وراثتها؟

5- الموقف من المنافسة هل يحكمه التسابق أم التحاسد؟

6-الموقف من الاستهلاك هل يتوجه نحو الأجيال الحالية أو المستقبلية؟

7- الموقف من العمل هل هو مشقة أم متعة؟

8-الموقف من الزمن هل هو واقعي، نفسي، تخيلي؟

9-الموقف من الحياة هل تصنعنا أم نصنعها؟

من خلال تلك المؤشرات يمكننا التركيز على دور المؤسسات الرسمية والمدنية والمنابر بمختلف مسمياتها في تشكيل المواقف الإيجابية أو السلبية بدءاً من الأسرة والمدرسة مروراً بالدوائر والفضاءات الأخرى في تشكيل ثقافة العمل والإنجاز واعتبار العمل والإنجاز والنجاح قيمة عليا، مركز الثقل في منظومة القيم الاجتماعية وسياسات الدولة واستراتيجياتها ونهجها فالتفاعل والتناغم بين الفرد والمجتمع من جهة الدولة أو السلطة من جهة أخرى هو رافعة النجاح في ذلك.

 

 

آخر الأخبار
ذكرى الكيماوي في الغوطتين.. جرح مفتوح وذاكرة عصيّة على النسيان قلب شجاع من تل أبيض ينال التكريم.. أبو عبدالله يثبت أن الإنسانية أقوى من المستحيل   مدير منطقة حارم يزور كلية الشرطة ويقدر جهودها في تخريج دفعة مكافحة المخدرات   بين الدخان واللهيب..  السوريون يكتبون ملحمة التضامن 6000 هكتار مساحة حرائق ريف حماة     طفولة بلا تعليم.. واقع الأطفال النازحين في سوريا   حلب تبحث عن موقعها في خارطة الصناعات الدوائية  الرئيس الشرع يصدر المرسوم 143 الخاص بالمصادقة على النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب مدير المخابز لـ"الثورة": نظام إشراف جديد ينهي عقوداً من الفساد والهدر زيادة غير مسبوقة لرواتب القضاة ومعاونيهم في سوريا  الشيباني يبحث مع نظيره اليوناني في أثينا العلاقات الثنائية وقضايا مشتركة عاملة إغاثة تروي جهودها الإنسانية في سوريا ريف دمشق تستعيد مدارسها.. وتتهيأ للعودة إلى الحياة حماية التنوع الحيوي وتحسين سبل العيش للمجتمعات المحلية في البادية تحسين واقع الثروة الحيوانية في القنيطرة استئناف الصفقات الضخمة يفتح آفاقاً أوسع للمستثمرين في سوريا    اتوتستراد درعا- دمشق.. مصائد الموت تحصد الأرواح  تفريغ باخرة محملة بـ 2113 سيارة في مرفأ طرطوس وصول باخرة محملة بـ 7700 طن من القمح إلى مرفأ طرطوس تحميل باخرة جديدة بمادة الفوسفات في مرفأ طرطوس اليوم شوارع حلب بين خطة التطوير ومعاناة الأهالي اليومية