مَن يعمل اليوم في مؤسسات الدولة، يعمل بشكل شبه مجاني بظل الرواتب والأجور الحالية، وعليه فإن كل موظف في القطاع العام يستحق الشكر من الحكومة، ومَن لا يشكر الناس لا يشكر الله.
وبناء على ما تقدم فعلى الحكومة أن تتعامل مع الموظفين باهتمام أكبر وبطريقة مختلفة، وما العدد الكبير لطالبي الاستقالة أو الإجازة بلا أجر إلا مؤشر على وضع الموظفين الذين بهم استمرت وصمدت الدولة ومؤسساتها، وعلى أكتافهم تقدم الخدمات التي ضاعفت الحكومة تكاليفها على الموظف الذي يقدمها دون أن يكون له اعتبار في الحصول على جزء من رفع قيمة الخدمات التي يقدمها بنفسه.
كل التشريعات تم تعديلها إلا القانون الأساسي للعاملين بالدولة، والذي يُفترض أن يكون تعديله منطلقاً لمشروع الإصلاح الإداري للتميز بين القطاع الاقتصادي والقطاع الإداري، وبعدها تتم الهيكلة والتعيينات بطريقة تخدم هذه القطاعات حسب خصوصيتها، وليس بطريقة مركزية ألغت الخصوصية، وساوت بين المكتب والميدان، وتتناقض مع اللامركزية التي تؤكد عليها الحكومة نفسها في كل المناسبات، وكان آخرها في قانون الإدارة المحلية وانتخاباتها.
الحفاظ على العاملين بالدولة لا يكون برفض الاستقالة أو الإجازة بلا أجر، والحفاظ على الخبرات والكفاءات لا يكون برفض التمديد لطالبيه من الفنيين والفئات الوظيفية الأدنى وحصره بفئات ومستويات وظيفية قدمت كل ما لديها وأخذ بعضها ما يريد دون أن يقدم شيئاً.
الحفاظ على العاملين بالدولة يحتاج إلى تسوية الرواتب والأجور، ويحتاج إلى التعاطي الشفاف مع العاملين وبما يجعلهم يطلبون التمديد وليس الاستقالة أو الإجازة.
غريب أن يتم رفض إجازة أو استقالة راغب، وبالوقت نفسه يتم رفض طلب تمديد خدمة لفني من فئة وظيفية أدنى ومؤسسته بحاجة لخدماته، وضع العاملين بالدولة يحتاج إلى حلول جذرية كي تستمر المؤسسات بعد أن فقدت معظم خبراتها التي يصعُب تعويضها في بعض القطاعات، ولا بد من تقييم مشروع الإصلاح الإداري لمعرفة نقاط القوة لتعزيزها، والثغرات لتلافيها، وهذا التقييم ضروري للاستمرار وإكمال المشروع، ويكفي ما مضى من الوقت لإجراء التقييم من مختصين وخبراء مستقلين كي تكون الملاحظات حيادية.
التالي