الثورة- فاتن أحمد دعبول:
استضاف اليوم اتحاد الكتاب العرب الشاعر الشيخ هلال بن سالم السيابي الدبلوماسي العربي من سلطنة عمان الشقيقة وسفير عمان الأسبق في دمشق في ندوة شعرية حملت عنوان” أطياب عمانية تتضوع في دمشق”.
وتأتي هذه الندوة ضمن نشاطات الاتحاد من منطلق الاهتمام باستقطاب الأدباء الرائدين في المجالات كافة، واحتفاء بالنتاج الأدبي والثقافي الكبير لهؤلاء الأعلام.
وفي تقديمه رحب الدكتور جهاد بكفلوني باسم رئيس الاتحاد وأعضاء المكتب التنفيذي بالشاعر السيابي، وبين أنه أحب دمشق كما أحبته، وحمل في قلبه المودة الصادقة، ولم يتغير، فقد جهر بموقفه عندما كان الجهر بحب دمشق يكلف الآخرين الكثير.
وأضاف: الشاعر هلال السيابي واحد من أعلام الشعر، وصوت عماني جميل، يصدح بحب العروبة وحب سورية، وقد خصها بعيون شعره دائما ومايزال ينثر عبق كلماته حبا واعتزازا ببطولاتها وصمودها، وسورية تفتح له قلبها النابض دائما بالعروبة والمحبة والوفاء.
وبدوره عبر الشاعر السيابي عن عشقه لدمشق، وقد أفرد لها جزءا كبيرا من قصائده، لأنه يؤمن بأن الثقافة تمثل ثوابت الأمة، الثوابت القومية والوطنية والأسرية، والشعر ما يزال يحمل ثقافة أمة، وهو كما كان دائما ديوان للعرب، وفي كل يوم ينبت شاعر يؤرخ لأمجاد ويحكي حكاية عشق سرمدي للعرب والعروبة.
وقدم الشاعر عدة قصائد يعبر فيها عن حبه لدمشق وموقفه من الحرب الظالمة التي شنت على سورية، موقنا مسبقا بأن الانتصار سيكون حليف الشعب السوري على الإرهاب، يقول في قصيدته دمشق:
دمشق شمسك لم تأفل ولم تغب، وكيف تأفل عين الماس والذهب
ما زلت في حاضر الدنيا منورة، كمثل ما كنت دوما ساحة الشهب
ولن تزالي بفضل الله نيرة، بالعز والمجد أو بالوقفة العجب
سرت بأمجادك الأيام حافلة، بكل معنى عظيم غير ما كذب
ونار بالكون منك النور مؤتلقا، عالي الشوامخ من شم ومن قبب
فأنت من علم الأيام أحرفها، حتى استضاءت بها درية الكتب.
كما ألقى قصيدة خطها خصيصا لدمشق قبل أن يعتلي المنبر في الندوة الشعرية، فهي قصيدة طازجة حسب تعبيره، فذكرياته في دمشق كثيرة وحميمية، وفيها الكثير من اللقاءات والمواقف والأيام الجميلة التي لا تنسى، ومنها نقتطف:
ركضت دمشق إلى المطار مصرة، إني أريد اليوم أن أستقبله..
أسعى إلى ولدي الحبيب أضمه، طوبى لمن ضم الحبيب وقبله
يا نار شوقي! ما انطفأت بقربه، بل هجت إعصارا يحرك قسطله
هات الدواء بني وصلا دائما، لم أرض يوما بالفراق تخلله
وافى بصحبته كريم ماجد، يزهو الإخاء بنبله ما أنبله
السالم بن محمد عبريّنا، بالخير فياضا يشعشع جدوله
يا مرحبا بالكوكبين تبلجا، فالأفق ديباج ينمنم مخمله.
ومن ديوانه” أصداء من وادي عبقري” قرأ الشاعر السيابي قصيدة بعنوان” أجدك” وصف خلالها أماكن من سورية ومن دمشق على وجه الخصوص كان قد زارها وتركت في نفسه الأثر الكبير، وما يزال يحن إليها، فهي بضع من روحه، يعود إليها كلما أشعل قلبه الحنين إليها، يقول:
سلام عليك، على جلق .. على بردى حينما يطرب
على النيربين، على دمر.. كما لذ من كوبها المشرب
سلام عليها، رعاها الجلال .. وإن هدها الجلل المتعب
ستبقى دمشق وراياتها، كما لاح بالأفق الكوكب.
وجدير ذكره أن الشاعر السيابي يعد من رواد الشعر العربي الأصيل وأحد فرسانه، تميز شعره بالفصاحة والغزارة وذلك لتمكنه من مفاتيح وأسرار اللغة العربية، وأبرز ما يلفت النظر في أسلوبه، قدرته الفائقة على عرض أفكاره بصور تدلل على ما يتمتع به من الدفق الخيالي المبدع، هذا إلى جانب اعتزازه بوطنيته وعروبته، حيث عبر عن ذلك في قصائد كثيرة خص بها عمان والدول العربية التي تنقل بينها، وكانت آخر محطاته في سورية كسفير، حيث أمضى فيها أحد عشر عاما في نشاط ومتابعة للكثير من الأحداث المهمة..
كما شارك في الندوة الشعرية الشيخ سالم بن محمد العبْري المربي الفاضل والإعلامي بقصيدة روحانية تحكي مشاعر خاصة عاشها الشاعر في زيارته لبيت الله الحرام، يقول في قصيدته” ربيع الحمراء”:
طاب ليل قد قضيناه معا، في رحال الحبل وقت السمر
ننسج الحلم ونعتد به، من خيال حالم مقتدر
قد صحبنا البدر في رحلته، مذ صافح الحوراء عند المظهر
لم نفارقه ولم يترك لنا، فرصة للنوم حتى السحر
قد تجاذبنا حديثا حائرا، وختمنها بمسك معطر
وتلا الندوة مداخلات من الحضور عبرت عن مواقف عُمان المشرفة، والتي أعلنت منذ البداية أنها إلى جانب سورية، وظلت سفارتها مفتوحة في دمشق، وأيقنت أن هذا الذي يجري في سورية إن هو إلا حرب تشنه قوى البغي والعدوان، ويجب الوقوف في وجه هذا الطغيان وهذه الحرب الظالمة.
