مشاركة كل شخص منا بالعمل الجماعي يعطي لأفعالنا قيمة مضافة، فما أجمل أن يساهم الطبيب والصحفي والمهندس والمعلم والعامل والتاجر بعمل خيري، وما أجمل أن يعطي الطالب والصيدلي والفنان ساعة من وقتهم لنظافة حيهم، أو تجميل الساحات العامة، أو زرع شتلة في هذا الشارع أو ذاك.
مشاركة كل شخص منا في مجموعات عمل مختلفة هي مشاركة فعّالة في المجتمع بكل المقاييس، لكنها تتطلّب الانخراط بجدية فيها وفي برامجها المُتاحة، بحيث يسمح هذا الانخراط بالتقاء الفرد مع أقرانه في نفس المجموعة، والمساهمة بعمل ينتج قيمة مضافة للمجتمع.
مشاركة كل شخص منا في مجموعات عمل هي أيضا محاولة تطوير لمهارات جديدة لنا وفرصة لتقديم أفكار جديدة، وإجراء اتصالاتٍ حقيقية، وبناء علاقاتٍ اجتماعية راقية، ممّا يترك أثراً إيجابياً على الفرد حيث يمكن أن يجعله ذلك فاعلاً ومؤثراً.
فالعمل شرف للإنسان مهما كان نوعه، والناس يعملون حسب اختصاصهم والمهنة التي خاضوا معتركها فمنهم النشيط المنتج وبجدارة جاعلاً عمله يتحدث عنه والثمرات اليانعة تعلن عن مدى نجاحه وتميزه وتفوقه، وتكتمل الصورة أكثر بانخراطه بالعمل الجماعي المثمر.
والشخص الفاعل في المجتمع يشير الناس إليه بالبنان ويتسارعون إليه لينجز لهم أعمالهم خاصة أنه يمتلك اختصاصاً يحتاجون إليه ونمثله بشجرة وارفة الظلال والتي تؤتي أكلها ثمرات يانعة طيبة المذاق واللذة في كل حين.
هكذا هو مثل المرء الذي يعشق عمله ويذوب في عمق اختصاصه والأمثلة ما أكثرها، فالأديب المشهور نرى الناس يتلقفون منشوراته وكتبه لأن ثمراته لا تضاهى في عمق معانيها وأهدافها، وهكذا الطبيب الحاذق، والمهندس البارع، والفنان المبدع، والإعلامي الناجح، والعامل المجد المنتج، كل هؤلاء من ثمارهم نعرفهم ونجلهم ونحترمهم ويشار إلى إنتاجهم بالبنان على عكس أقرانهم غير المبالين وغير المكترثين لعملهم.
فهؤلاء الغارقون بالفوضى في أعمالهم كأنهم “الصفر على الشمال” من حيث القيمة كما يقال، وثمراتهم عقيمة، وعودة على ذي بدء إذا أردنا معرفة قيمة إنسان ما علينا إلا أن نتطلع إلى ثمرات عمله الحقيقية التي تدل على شخصيته فإما أن تكون منتجة وإما أن تكون فارغة المحتوى والمضمون فمن ثمارهم تعرفونهم.. ومن مشاركتهم بعمل جماعي تعرفون قيمتهم.
جمال شيخ بكري