حرصت أيام الفن التشكيلي السوري منذ الموسم الأول عام 2018 على مبدأ تكريم الفنانين، أو ذكراهم، كجزء أساسي من حفل افتتاحها، وكرّست منذ ذلك الوقت تقليد تكريم ثلاثة من الفنانين المميزين، وكذلك تكريم ذكرى ثلاثة من الراحلين. وعرض بعض أعمالهم في معرضٍ مرافق.
خضع اختيار الأسماء إلى حوارات مستفيضة في اجتماعات اللجنة المسؤولة، وقد روعي فيه عدة مسائل تتقدمها الأهمية الفنية، كذلك تنوع الاختصاصات (مع مراعاة حجم كل منها في المشهد التشكيلي السوري) والاتجاهات والأجيال. فتم في الموسم الأول تكريم: وحيد مغاربة (مصور)، وإحسان عنتابي (مصمم غرافيكي)، ونشأت الزعبي (مصور). كما تم تكريم ذكرى: نزار علوش (نحات) ونذير إسماعيل (غرافيكي)، وعبد العزيز علون (ناقد). وفي الموسم الثاني تم تكريم: عبد الله السيد (باحث ونحات)، وغسان جديد (مصور) وغسان نعنع (مصور). وأسماء ثلاثة من الراحلين: عبد القادر أرناؤوط (مصمم غرافيكي) وإقبال قارصلي (مصورة)، وغسان السباعي (غرافيكي). وفي الموسم الثالث تم تكريم أربعة فنانين – بشكل استثنائي -: شلبية ابراهيم (صاحبة تجربة خاصة قريبة من فن الباتيك)، ومحمد غنوم (حروفي)، وادوار شهدا(مصور)، وعلي مقوص (مصور). وأسماء الراحلين: طارق الشريف (ناقد) وعلي الصابوني (مصور) وجورج جنورة (مصور). وفي الموسم الرابع (العام الماضي) تم تكريم: ناثر حسني (مصور) ومحمد بعجانو (نحات)، وسارة شما (مصورة). وأسماء الراحلين: ميلاد الشايب (مصور) وسوسن جلال (مصورة)، وفؤاد أبو عساف (نحات).
في الموسم الخامس الذي أقيم خلال شهر تشرين أول الماضي تم تكريس تقليد التكريم بجانبيه، وسنستعرض في السطور القادمة بشكل سريع سيرة كل من المكرمين، والمكرمة ذكراهم. أول المكرمين كان النحات: عبد السلام قطرميز وقد درس الفنون الجميلة في مصر ثم اتمّ دراسته في دمشق بعد إحداث كلية الفنون فيها وكان في عداد الدفعة الأولى التي تتخرج منها عام 1964، صمم ونفذ العديد من النُصب التذكارية منها نُصب شهداء الثورة السورية في السويداء عام 1972. وكان قبل ذلك قد شارك الفنان المعلم محمود جلال عام 1966 بتنفيذ تمثال الثوري العربي بدمشق. أنجز عدداً كبيراً من الأعمال النحتية اقتنت كثيرمنها جهات عامة وخاصة داخل سورية وخارجها.
ثاني المكرمين مصمم الديكور مجدي الكزبري الذي كانت دراسته للعمارة الداخلية ترجمةً لشغفه بالتصميم الذي دفعه نحو الأفق الرحب لهذا العالم الساحر الممزوج بالخيال الخصب. فكان رائداً في الإبداع والابتكار. هو حاله في الديكور كما هو في تصميم الحلي والأكسسوارات المكملة والتزيينية وسواها. فأياً كان المجال، تلتقي تصاميمُه عند مفهوم التجديد. وتنطلق من المعرفة العميقة بالتراث الإبداعي المحلي، ووظيفة التصميم.
ثالث المكرمين الغرافيكي: طلال العبد الله الذي تفتحت عيناه على المشغولات اليدوية البارعة والجميلة التي كانت تصنعها والدته وجدته، فكانت أول الصور التي حفظتها ذاكرته، وربما قادت خطواته في طريق الفن التشكيلي. وبعد أربعة عقود أمضاها في البحث التشكيلي الجاد الصامت بعيداً عن الاستعراض الإعلامي، يقف اليوم كواحد من أهم الحفارين السورين والعرب، وقد استطاع تحقيق هوية فنية خاصة تمتلك عمقاً إبداعياً في المكان والزمان.
أول الفنانين المكرمة ذكراهم المصور: الفرد حتمل الذي ربط تجاربه الفنية بمواضيع تتصل بالأرض وعلاقتها بالمرأة الريفية. وكشفت اللوحات الأولى التي عرضها، عن أنه كان يرسم بانفعال واضح، وبضربات فرشاة عريضة، فقد كان يضيق ذرعاً بأن يقف عند النقل التسجيلي لما يراه، باحثاً عما يختفي خلف المنظر، أو خلف النظرة. ليؤكد ان غايته ليس النقل الحرفي عن الطبيعة، وإنما الوصول إلى تعبير إنساني من خلال عناصر مشاهدها. وقد استلم شهادة التقدير ابنه السيد أمجد حتمل.
ثاني المكرمة ذكراهم المصور: عز الدين همت. وقد كان يحمل عدة الرسم وينطلق الى الطبيعة مصوراً مشاهدها المنتقاة ببراعة بأكبر قدر من الأمانة والإتقان والدقة. وأيضاً بأكبر قدر من المتعة التي لا تغيب عن المشاهد. وبإحساس مرهف بالدرجات اللونية، وموهبة في التقاط العلاقة بين الضوء والظل. بدأ مشاركته في المعرض السنوي منذ عام 1959 وحتى رحيله، واليوم وبعد سنتين من غيابه حضرت أعماله وذكراه مكرمة في هذا الاحتفال التشكيلي. واستلمت ابنته السيدة لونا همت شهادة التقدير.
أما ثالث الأسماء المكرمة ذكراها فهو الغرافيكي الدكتور: عبد الكريم فرج الذي يتقدم اسمه إلى الواجهة حين يكون الحديث عن فن الحفر في سورية، فقد أمضى جل حياته، في تطوير تجربته الذاتية، وإنجاز البحوث والدراسات الفنية لمجلات ثقافية ومجلات مختصة بالفن التشكيلي، وخاصة مجلة (الحياة التشكيلية) التي يشغل عضوية الهيئة الاستشارية فيها، إضافة إلى مشاركاته الثرية في الندوات الفنية، وآخرها ندوة في مكتبة الأسد الصيف الماضي عن الفنان المعلم فاتح المدرس. وقد استلم شهادة التقدير الدكتور عبد اللطيف سلمان رئيس قسم الغرافيك في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق.