ربما لا نأت بجديد عندما نتحدث عن حراك ثقافي لافت تشهده معظم مناحي الحياة الثقافية، سواء كان هذا الحراك على صعيد المهرجانات والملتقيات والندوات الداخلية وفي غير محافظة وعلى المساحة الجغرافية السورية، أو كان على صعيد المشاركات الخارجية في المهرجانات العربية والدولية.
ما يؤكد يوماً بعد يوم أن الشعب السوري ورغم معاناته المتعددة، فإنه قادر على أن ينتصر للحياة وللثقافة، وأن يكون حاضراً في المحافل الدولية والعربية بإبداعاته التي حصد فيها الجوائز الذهبية إن كان في إنتاجه الأدبي أو الفني السينمائي.
واليوم إذ نعيش انتصاراً جديداً على صعيد السينما التي كانت حاضرة في مهرجان قرطاج السينمائي في دورته 33 وحصدت خلالها ثلاث جوائز، كما حصدت سورية أيضا الجائزة الأولى في أدب الطفل بمشاركتها في مسابقة جائزة القدس العالمي للآداب، هذا إلى جانب تفوق الجاليات السورية في بلاد الاغتراب في غير بحث علمي وأدبي فني.
هذا الحراك الثقافي بالطبع لم يأت من فراغ، بل هو مبني على كنوز من الثقافة والتراث، وتراكم حضاري غارق في القدم، ماتزال الأجيال تنهل من معينه، وشعب يملك هذا الإرث الغني بالعلم والفكر والمعرفة، لا يمكن لشريان الحياة لديه أن يتوقف، ولا يمكن أن تهزمه تحديات الحرب وتبعاتها، والحصار وآثاره.
وهنا لابد أن نلتفت وبشكل جاد إلى رعاية الشباب ومحاولة استقطابهم في أندية ثقافية، وملتقيات علمية تجمعهم على مائدة الحوار الثقافي الفاعل وتعريفهم برموزهم الوطنية والعلمية والأدبية، وتكريس الانتماء والواجب تجاه الوطن، هذا إلى جانب تبني مواهبهم وإبداعاتهم ليكونوا على قدر المسؤولية، لأن إعادة بناء العقول هو التحدي الأكبر الذي يجب أن تتصدى له المؤسسات الثقافية جميعها.
مباركة جهود كل من يسعى ويجتهد في تقديم ما من شأنه أن ينهض بالشأن الثقافي ويرفع علم بلاده في المحافل والمنابر العربية والدولية، لتظل سورية منارة يسطع ألقها في العالم جميعه.