الملحق الثقافي- ديب علي حسن :
كان الشعر كما يقول النقاد القدامى صناعة تفوق فيها العرب ولم يبارهم فيها أحد بل يمكن القول إننا كنا أمة الشعر والشعراء ..
فهل تغير الحال ..ما الذي جرى وكيف ..؟
هل يستطيع أدونيس مثلا أن يقول إنه زمن الشعر ..وماذا لو أنه لم ينشر كتابه ( زمن الشعر ) منذ عقود هل كان يفعل الان ..؟
لماذا لم نعد نحفظ قصيدة واحدة ..أو بيتا على الأقل..بل سأذهب أبعد من ذلك وأقول ان الكثيرين ممن يدعون أنهم شعراء لا يحفظون حتى ما يسمونه قصائدهم ..منذ عشر سنوات كنت شاهدا على واقعة جرت بمبنى البريد ..شاعر أو شاعرة لا يهم حضر لاستلام مجموعة من نسخ ديوانه الشعري الصادر في دولة عربية..
الموظف المسؤول قال له هذه عليها جمارك، ولكن ترى إذا اسمعتنا قصيدة جميلة منها سوف أحاول وفق الصلاحيات تخفيض القيمة ..ارتبك صاحبنا وقال له : افتح نسخة حتى أقرأ لك نصا منها ..
ذهل الموظف وقال : ألا تحفظ شيئا منها..؟ رد الشاعر: ولماذا أحفظ ..ها هي مدونة ..؟!
ترى كم من الشعراء مثل هذا ..لماذا نعتب على أطفالنا اذا كانوا لا يتذوقون هذا اللون الرملي من الشعر ولا يحفظونه..؟
بل كيف تتطور اللغة وتزداد صور البلاغية جمالا مع هذا العقم ..
لماذا كان الشاعر يقف على المنبر ودون ورقة يلقي عشرات القصائد من ابدا عه..؟
صحيح أن الشاعر ليس مطلوبا منه أن يحفظ معظم شعره ..
ولكن الأكثر صحة أن الشعر إذا لم تتناوله وتتناقله الألسن وتحفظه الذاكرة ليغدو جزءا من الثراء الفكري والجمالي فانه يبقى حبيس الورق ..ميتا لا قيمة له …
وهنا مكمن الخطورة ..
الشعر باق خالد حين تهيء له الأقدار شاعرا حقا …مات الشعراء وبقي الشعر
العدد 1119 – 8-11-2022