فرحتنا كسوريين بفوز طفلتنا شام البكور بمسابقة تحدي القراءة بالعربي لا توازيها فرحة، فقد أثارت إعجاب الجميع، في سورية، والإمارات، وفي كل بقعة عربية تابعتها واستمعت لفصاحتها، وهي ابنة سبعة أعوام فقط، وأصغر مشاركة في المسابقة.
شام أثلجت صدورنا كسوريين، بعد أن قدمت، وهي من الصف الأول بمحافظة حلب، دروساً في الفصاحة والبيان، وقالتها عالياً :”أستمدّ قوتي من إيماني ثمّ من والدتي”.
من هذه الكلمات البليغة والمعبرة والبريئة نتجاوز اليوم، ونحن فرحون، آلاماً كثيرة كابدناها سنوات، فلم يبق سوري إلا ودغدت قلبه الفرحة لإنجاز هذه الطفلة، وجعلته يفخر بها، والأجمل أن إنجازها جاء بعد سهر والدتها عليها وصقلها لموهبتها، وتعاون مدرستها معها، فشام ابنة امرأة سورية أخذت على عاتقها الاهتمام بابنتها ودفعت بها إلى أن تحصد جائزة كبيرة في ميدان يعجز عنه الكبار خصوصاً وأنها دخلت منافسة شارك بها ٢٢ مليوناً، وكانت الأجدر كما عمرها الأصغر بينهم، مع أنها يتيمة أب أودت بحياته قذائف الإرهاب.
شام أعطتنا طاقة متجددة للنهوض، ولحظات احتجناها مطولا لنقول للعالم هؤلاء هم السوريون، وللدول المعتدية علينا تكالبتم علينا لاثني عشر عاماً وما تمكنتم من إطفاء ضوء أرواحنا في القدرة على المواجهة والقدرة على التفوق.
شام قالت للعالم أجمع وبلسان كل سوري أن سوريتنا مقدسة ومكرمة من الله ولا ينقطع زيتها ولن ينضب لأنه من (زيتونة مباركة لا شرقية ولا غربية) تضيء ما حولها.
شام وأطفالنا أملنا في الغد.. وكما اكتشفت والدة شام موهبتها الفذة علينا اكتشاف مواهب أطفالنا وقدراتهم الإبداعية، وما أكثرها، وما أكثرهم، فسورية ولادة للمبدعين منذ الأزل، لكن تلك المواهب تحتاج للرعاية، والعمل الجاد على صقلها.
من أسرنا نبدأ، من أمهات أطفالنا، فهنّ اللبنة الأولى في البناء، ثم إلى مدارسنا، وبين الأسرة والمدرسة يمكننا اكتشاف مواهب أطفالنا، وأن نشجعهم على القراءة والمطالعة.
قرأت شام مئة كتاب وسجلت خمسين منها في التحدّي وظهرت على الشاشات من دبي وهي تقول بلسان فصيح مبهر: “لن تكون قارئاً عظيماً إلّا إذا كان عندك شغف، ولن يكون ذلك الشغف إلّا إذا كان عندك الاهتمام، ولن ينشأ فيك الاهتمام إلّا إذا كان ثمّة حبّ، فحبّ القراءة في قلبك سيأتيك بعد ذلك بكلّ ما ترجوه من شغف وفائدة”.
شام رفعت علم بلادي وتغنت به كما أبهرت الملايين وهي تتحدث لغة بلادي، فحلقت في سماء العرب جميعهم، نفخر بها، الرحمة لوالدها، وكل التقدير لوالدتها، وأملنا أن يشرق أطفالنا كما أشرقت شام شمس دفء في قلوبنا.
عبد العزيز الشيباني