الثورة – علا مفيد محمد:
شهدت بعض مراكز التجميل حضوراً لافتاً في الآونة الأخيرة ليس لترميم أو تشوه ما، وإنما لتقليد وموضة فرضتها بعض رفاهيات الحياة، وذلك هرباً من حسابات النفس ومتطلباتها، فالمرأة بطبيعتها كانت ومازالت تهوى الحفاظ على نضارتها بطرق مختلفة بدءاً من استعمال المستحضرات والخلطات الطبيعية والصناعية وصولاً إلى عمليات التجميل حسب الضرورة والحاجة، إرضاء لأنوثتها كي تكون محط اهتمام الشريك.
فقد تختلف الدوافع من امرأة إلى أخرى حسب البعض بين ما هو موضوعي وما يدخل في دائرة الهوس والتقليد كالتشبه بنجمات السوشال ميديا والمشاهير، وهذا ما يعكس اضطرابات نفسية وداخلية وفق رأي الطالبة الجامعية ميادة م، التي خضعت لإحدى عمليات التجميل، مبينة أن الدافع الذي يجعل العديد من الفتيات -لاسيما الصغيرات- حريصات على خوض هذا النوع من العمليات هو أن البعض منهن بتن محاصرات بألوان الدعاية والعروض الشكلية للفتيات والنساء قبل وبعد الإضافات التجميلية، هذه الفروقات جعلت شريحة من الجنس اللطيف غير راضيات عن أشكالهن وصورتهن الحقيقية، حيث غاية سرور المرأة أن تبقى على قيد الجمال الذي لايشيخ، وبالتالي أخذن يحلمن بأن يكن شبيهات بعارضات الأزياء أو النجمات المشهورات وفق مقاييس مثالية لايشوبها عيب.
وأوضحت الشابة رانيا-س العاملة في إحدى الشركات الخاصةأن الرغبة بإتقان الموضة بات تحقيقها ميسراً وسهلاً لطالما مراكز التجميل أصبحت متوفرة ولديها برامج إبداعية مغرية تدفع النساء والفتيات لأن يغامرن بعمليات التغيير.
أما اختصاصية البشرة والتجميل السيدة سيدرة الواوي فقد ذكرت في لقاء معها حالة الإقبال اللافتة على مراكز التجميل بشكل عام ولأعمار مختلفة من النساء، حيث بينت من خلال واقع الفتيات اللواتي يترددن إلى المركز إن أغلب الفتيات يأتين بدافع التقليد ومجاراة عصر الموضة ولاسيما المقتدرات منهن أو من لديهن دخل إضافي “كحوالات خارجية وغيرها”، لافتة أننا الآن في زمن أصبحت الصورة مفتاح الشخص، وبالتالي معظم الناس تتعرف على بعضها من خلال الصورة أولاً ماجعلنا نعطي تقييمات عن الشخص من خلال المظهر ليتم تقييم وضعه الاجتماعي والمالي.
أيضاً هناك ما يبرر ربما حدوث تأثير ( ظاهرة قلم الحمرة) هذا المصطلح الذي أُطلق في فترات الانكماش الاقتصادي والذي يعني أن الأفراد الذين يعانون من ضائقة مادية يريدون دوماً أن يكافئوا أنفسهم بأي شيء يجعلهم يتناسون واقع الضيق على مبدأ مطاعم الوجبات السريعة وصالونات التجميل ومتاجر الألبسة التي تعمل بشكل جيد أو بالأحرى تستفيد من الحاجة النفسية والإحساس بأن المستقبل وإن كان مجهولاً يجب التركيز على الحاضر ونعيش ببساطة بعيداً عن التعقيد ، بمعنى أن نكسَب الشباب لنؤخر الشيخوخة.
وحول الصورة النمطية من وجهة نظر اختصاصية التجميل ترى أن هذا الأمر بدأ منذ خمس سنوات عندما ظهر برنامج السناب شات والذي يتضمن فلاتر تطبق على صور الفتيات فتظهرها بشكل أجمل عبر وصفات وملامح معينة، مشيرة أنها مرّت خلال عملها بمرحلة كانت الفتيات تحضر لها صورها المأخوذة من البرنامج المذكور وتطلب منها أن تقوم بتطبيق التعديلات على وجهها كما يظهرها التطبيق بعد التعديل.
وعن مخاطر عمليات التجميل نوهت الواوي أن عمليات التجميل في السابق عانت درجة خطورة عالية غير أن الطب يتطور باستمرار، وأن نسبة الأمان ونجاح العمليات وصلت لما بين ٨٠ – ٨٥ %، وهذه النسبة مطمئنة لأي إجراء طبي لهذا النوع ، وربما كان أحد الأسباب للإقبال الشديد لمن يريد التغيير بملامحه.
وأخيراً تبقى عمليات التجميل بصفة عامة مطلوبة لأنها تحسن الصحة النفسية والجسدية عند بعض الفتيات والنساء وخاصة تلك العمليات التي تسعى إلى ترميم ما أفسده الدهر ضمن إطار الحفاظ على طبيعة الأنثى.
ولا نغفل هنا حقيقة أن الجمال بساط متّسع لايقتصر على الشكليات فقط، بل يجاريها إلى الإحساس بالحياة والمشاعر، فلكل أنثى جمالها المختلف هذه بثقافتها وأخرى برقيها وحسن معاملتها وتلك بحنانها وتودّدها لأسرتها فكلهنّ جميلات بما فطر الله حواء من حسن.
السابق
التالي