الفنان الرائد خالد معاذ من المساهمين في بروز التيار الانطباعي ..

الثورة: أديب مخزوم
خالد معاذ هو أكثر فنان رائد تنطبق عليه صفة الفنان الشامل بلا منازع ، ولقد كان يتمتع بحيوية لافتة ومواهب وأهتمامات عديدة ( كان يجمع بين الرسم والتصوير الضوئي والتوثيق والبحث الأثري والزخرفي والفولكلوري بتشعباته المختلفة والأزياء الشعبية والمصورات الجغرافية وغيرها .. )

إلا أننا سنكتفي هنا بوضع لوحاته تحت دائرة الضوء الإعلامي والنقدي، لصعوبة الإحاطة بكل المجالات والاهتمام. وبعض لوحاته التي قدمها منذ العشرينات ، جعلته يتفرع عن شجرة الفنانين الانطباعيين السوريين الرواد ، رغم أن النقد السوري ، وضع لوحاته عن جهل أو خطأ في خانة التجارب الواقعية ، وهذه مغالطة كبيرة لاتزال الكتابات تقع فيها إلى الآن، حيث كانت لوحاته الأولى ( إلى جانب العديد من لوحات فناني جيله ) شاهدة على مساهمته في إطلاق الشرارات الأولى لظهور الانطباعية السورية ، التي توضحت معالمها في لوحات ميشيل كرشة ونصير شورى وسواهما.
وبعض لوحاته تشكل مع لوحات العديد من فناني جيله، المدخل لتفهم قيم الضوء المتنقل بشاعرية بصرية، توازن ما بين حركة المناخ التصويري الواقعي، ورغبات الانفتاح على معطيات اللمسة اللونية العفوية والإشراقة الانطباعية.
ويزداد هذا الشعور إذا شاهدنا لوحاته المرسومة بتقنيات عديدة ( فهو أكثر فنان رائد نوع في التقنيات ) حتى أنه رسم بكل المواد، وهذا الإحساس اللوني المتنوع اعطى لوحاته عفوية وتلقائية ونزعة تبسيطية ، عبرت في النهاية عن أبجدية أو أسلوب خاص، حتى أن مقاطع بعض لوحاته، تتحول إلى لمسات ومساحات مشرقة بالضوء الانطباعي. وهكذا كان يدخل في إطار الصياغة الفنية الحاملة فسحة انطباعية في أكثر الأحيان. أما لوحاته الواقعية فكانت ( لضرورات ثوثيقية ) أو من أجل تحقيق الأمانة أو المصداقية المشهدية منفذة بعفوية أقل وبوعي أكبر .


هكذا تبدو رسوماته على مستوى طليعي، وكان يرسم مشاهده بسهولة ميسرة وبحيوية لافتة، تمنح المشهد تجلياته العفوية وزمنه المعاصر، وتحمل إلى المشاهدين نفحات من الفرح والعفوية والصدق المتدرج من الرسوم التبسيطية القلمية التوضيحية ، وصولاً إلى اللوحات الواقعية التي تحقق عناصر الدقة التفصيلية، والتي تتعامل مع النسب والظلال كعناصر أساسية في التأليف والتكوين، ومروراً برسومات الحبر الصيني والمواد التلوينية المختلفة والمتنوعة.
وبذلك كان يضفي على فسحة اللوحة إيقاعات ضوئية باهرة، فيها الكثير من الإشراقة الانطباعية، الحاملة عراقة ونكهة العناصر المعمارية القديمة التي تتعرض للاندثار والزوال.
وفي لوحاته في فترات مبكرة استعاد أجواء الحارات والبيوت الشعبية، والجماليات الهندسية المترسخة في البنى المعمارية القديمة، الباقية في مشاهدات القناطر والحجارة المتناوبة الألوان والزخارف الهندسية والنباتية والكتابات القديمة، المطلة على نصاعة بياض زهر الياسمين، الذي كان ولايزال يعطي لدمشق رونقها السحري المتجدد، ففي لوحاته ملامح كثيرة من أسرار العمارة الدمشقية القديمة، الباقية في مشاهدات البحرات ونوافير المياه وأحواض الورود والزهور، والأضاليا والمنثور وأشجار الليمون ، المكشوفة على الهواء والسماء في البيوت الفسيحة، التي تطرب العين والقلب، وتترك في النفس مشاعر الفرح وأحاسيس الانتماء إلى مدينة تاريخية عريقة، وموغلة في القدم.
هكذا كان يبحث عن مناخات جديدة للوحة المشهد المعماري، وكان يصوغ لوحاته ورسوماته المستمدة من انطباعات الذاكرة أو من الجلسة المباشرة محققاً القيم التصويرية الانطباعية والواقعية الجديدة (في تكاوين الأقواس والمربعات والمستطيلات والزوايا القائمة والحادة والخطوط الشاقولية والأفقية التي تحدد عناصر الحي أو البيت) .
وفي هندسته المعمارية كان يقترب من حركة البناء التتابعي العفوي، الذي يحول المساحة اللونية إلى إطار ضروري للحد من الرزانة الهندسية الدقيقة (وذلك بتحديد الأشكال الملونة بخطوط قلمية أحياناً، حتى لا يقع في الانضباط العقلاني البارد الذي كان يعمل على تجنبه في أكثرية لوحاته).
وهذا يعني أن الفنان الرائد خالد معاذ كان يعبر في لوحاته ورسوماته السريعة، بتلقائية عن انفعالات غنائية تصل بالمشهد إلى انفلاتات عصرية تحتفظ بروح التراث المحلي، رغم ذلك التدقيق الذي يوحي بالمرجع الواقعي ، ولهذا تتدرج الحركة العاطفية صعوداً وهبوطاً عبر تدرجات الحالة اللونية ، من تلك التي تتجه نحو العفوية من خلال اللمسات المتتابعة، إلى المساحات الهادئة التي يغلب عليها التسطيح وتنسج علاقة مزدوجة بين العفوية اللونية والملامح الهندسية المتحررة أو مايمكن تسميته بالهندسة اللونية.

آخر الأخبار
المركزي يصدر دليل القوانين والأنظمة النافذة للربع الثالث 2024 تحديد مواعيد تسجيل المستجدين في التعليم المفتوح على طاولة مجلس "ريف دمشق".. إعفاء أصحاب المهن الفكرية من الرسوم والضرائب "التسليف الشعبي" لمتعامليه: فعّلنا خدمة تسديد الفواتير والرسوم قواتنا المسلحة تواصل تصديها لهجوم إرهابي في ريفي حلب وإدلب وتكبد الإرهابيين خسائر فادحة بالعتاد والأ... تأهيل خمسة آبار في درعا بمشروع الحزام الأخضر "المركزي": تكاليف الاستيراد أبرز مسببات ارتفاع التضخم "أكساد" تناقش سبل التعاون مع تونس 10 مليارات ليرة مبيعات منشأة دواجن القنيطرة خلال 9 أشهر دورة لكوادر المجالس المحلية بطرطوس للارتقاء بعملها تركيب عبارات على الطرق المتقاطعة مع مصارف الري بطرطوس "ميدل ايست منتيور": سياسات واشنطن المتهورة نشرت الدمار في العالم انهيار الخلايا الكهربائية المغذية لبلدات أم المياذن ونصيب والنعيمة بدرعا الوزير قطان: تعاون وتبادل الخبرات مع وزراء المياه إشكاليات وعقد القانون تعيق عمل الشركات.. في حوار التجارة الداخلية بدمشق بمشاركة سورية.. انطلاق فعاليات المؤتمر الوزاري الرابع حول المرأة والأمن والسلم في جامعة الدول العربي... موضوع “تدقيق العقود والتصديق عليها” بين أخذ ورد في مجلس الوزراء.. الدكتور الجلالي: معالجة جذر إشكالي... بري: أحبطنا مفاعيل العدوان الإسرائيلي ونطوي لحظة تاريخية هي الأخطر على لبنان عناوين الصحف العالمية 27/11/2024 قانون يُجيز تعيين الخريجين الجامعيين الأوائل في وزارة التربية (مدرسين أو معلمي صف) دون مسابقة