الثورة – تحقيق جهاد الزعبي:
تشتهر محافظة درعا بصناعة “الراحة” التراثية التقليدية، والتي تعتبر جزءاً من تراث حوران وسفير درعا للمحافظات الأخرى، والهدية المفضلة لمن يود زيارة أصدقاء أو أقارب في محافظة أخرى.
صناعة الراحة بدرعا حالياً تواجه صعوبات عديدة وبحاجة ماسة للدعم والمعالجة، فإلى التفاصيل.
*غلاء أسعار المواد
أكد “محمد الحوراني” أحد المشرفين بمعمل صناعة راحة في مدينة طفس أن هذه الصناعة مهنة تراثية تقليدية ومتوارثة منذ القديم وتشتهر فيها المحافظة، ويتم تسويق قسم من الإنتاجية إلى دمشق وباقي المحافظات، ويتم تصدير قسم إلى خارج القطر، حيث عانت صناعة الراحة خلال سنوات الحرب العدوانية الظالمة على سورية من غلاء أسعار مستلزمات الإنتاج مثل السكر والنشاء والمعطرات والسمسم وجوز الهند والفستق والمنكهات، ما جعل الكثير من أصحاب المعامل يتركون المهنة، وبالتالي تراجع عدد المعامل بشكل كبير.
ولفت “الحوراني” إلى أن أسعار مستلزمات صناعة الراحة أصبحت مكلفة جداً وأهمها مادة السكر ٥٥٠٠ ليرة ثمن الكيلو، والنشاء عشرة آلاف والمكسرات مثل الفستق ٢٥ ألفاً وجوز الهند ٣٠ ألفاً والسمسم ٢٥ ألفاً وغيرها من مواد أساسية تدخل بالصناعة وأن الكميات المدعومة المخصصة غير كافية للشغل لبضعة أيام فقط.
*حلويات فلكلورية
وأشار “يوسف المسالمة” ممن توارث مهنة صناعة الراحة أباً عن جد، إلى أن الراحة الحورانية من الحلويات الفلكلورية التراثية القديمة التي تجاوز عمرها أكثر من مئة وعشرين عاماً، ابتكرها أجدادنا وأبدعوا فيها، وهي الأكثر شعبية بهذه المحافظة، والأرخص ثمناً والأطيب طعماً، مشيراً لمكوناتها البسيطة من السكر والنشاء وملح الليمون، إضافة لبعض المنكهات و(الأصنصات) الطبيعية، التي تستخدم بهذه الصناعة، وتتميز برخص ثمنها مقارنة مع باقي الحلويات الأخرى الأمر الذي جعلها بمتناول الأيدي، سواء للفقير أو الغني.
*مراحل الصناعة..
وعن المراحل التي تمر فيها صناعة الراحة أشار “مسالمة” إلى عدة مراحل أولها مرحلة الطبخ، حيث تطبخ بدرجة حرارة عالية تصل إلى ٤٥٠ درجة مئوية بمكوناتها، كالماء والسكر ليضاف لها النشاء بعد ترويبه، علماً أن خبرة وفن الطباخ هي التي تتحكم بترتيب محتوياتها، وهي حرفة يدوية تحتاج لطبخ من ساعتين إلى ساعتين ونصف، مشيراً إلى أن مرحلة السكب بالقوالب الخاصة تأتي بعد الطبخ، حيث يتم تبريدها قليلاً بالقوالب لمدة نصف ساعة، لننتقل لمراحل التسريد والتكعيب والتقطيع، ثم مرحلة التبريد، وأخيراً مرحلة التعبئة والتغليف بطريقة يدوية مئة في المئة، وفي النهاية التجليد للحفاظ على المادة من التلف أو الرطوبة أو الحشرات أو الغبار.
*تطور ملحوظ
وحول تطور صناعة الراحة بدرعا أشار رئيس اتحاد الحرفيين بدرعا المهندس “شكري بجبوج” إلى أنها تطورت بشكل ملحوظ وأصبحت متنوعة بعد أن كان هناك صنف واحد وهو الراحة السادة، أصبح حالياً هناك عدة أصناف مغموسة بجوز الهند والفستق واللوز والسمسم والرمان المجفف وبألوان ونكهات متعددة، بالتوازي مع تطور مستلزمات الصناعة من عجانات وقوالب وأدوات حديثة أخرى.
* ١٢ معملاً
وكشف عضو اتحاد الحرفيين “أيمن الضماد” أن صناعة الراحة تراجعت خلال سنوات الحرب العدوانية الظالمة على سورية، حيث كان عددها أكثر من ٤٠ قبل عام ٢٠١٢، ولكنها عادت للنهوض بعد عام ٢٠١٨ مجدداً بعد عودة الأمان للمحافظة وقد بلغ عدد المعامل المُنتجة حالياً أكثر من ١٢ معملاً، حيث يتركز معظمها في مدينة درعا، ويتم تقديم الدعم لهم بالتعاون مع الجهات المعنية وأصبحت الراحة سفير حوران في معارض التسوق الداخلية والخارجية وشاركت بعض المعامل في مهرجانات التسوق في اللاذقية وحلب وغيرها من المحافظات.
*غلاء الأسعار
وأشار عدد من المواطنين إلى أن أسعار الراحة ارتفعت بشكل كبير، حيث أصبح ثمن الكيلو عشرة آلاف ليرة للراحة السادة العادية وأكثر من ١٥ ألف للمغموسة بالفستق واللوز وجوز الهند والسمسم.
وأخيراً..
نستيطع القول إن صناعة الراحة بدرعا بحاجة ماسة للدعم وزيادة مخصصات المعامل من السكر والنشاء المدعوم والمحروقات من غاز ومازوت وكهرباء لاستمرارية هذه الصناعة التراثية.