عمار الشوا.. في معرضه.. كأننا في متحف للسيارات القديمة..

الثورة – أديب مخزوم:
عالج الفنان عمار الشوا لوحات معرضه الأخير في صالة عشتار، موضوع السيارات القديمة والمتهالكة، التي قلما ألفناها في معارض الفنانين، بصياغة واقعية متزنة، حيث رأينا سيارة قديمة واحدة تشغل القسم الأكبر من مساحة كل لوحة، وقد استبدلها أحياناً بجرار زراعي أو آلية قديمة، الشيء الذي يطرح سؤالاً عن علاقة الفن بالتكنولوجيا الحديثة، بدلاً من التركيز على الموضوعات المكررة والمعروفة والمستهلكة.


وهو يتعامل مع هذا الموضوع (مشهد السيارات والآليات القديمة حصراً) بمنطق واقعي، سعياً لإبراز مهاراته التقنية، إذ يعالج السيارة بدقة تفصيلية، تبرز تأثيرات الزمن عليها، حيث تظهر هذه السيارات مهترئة ويأكلها صدأ الأزمنة.
هكذا يبدو مولعاً برسم السيارات المتروكة والمهملة، كما يركز لإبراز المشاهد الطبيعية التي هي جزء من لوحاته المعروضة، حيث يحمل الذاكرة إلى عوالم منسية، من خلال تجسيد مشاهد السيارات القديمة على الطرقات والأرصفة وبجانب البيوت وفي فضاءات المشهد الطبيعي، بما فيه من غيوم وأشجار وبيوت وطرقات ومرتفعات ومنخفضات وأعشاب..

وهذا يعني أن عمار الشوا يعيش مع زهوة ألوان الطبيعة المستمدة من تأملاته وتجواله السياحي في الأمكنة الحميمية أو المستعادة من مخزون ذاكرته البصرية، التي عمقت من هواجس نزعته المثالية الأقرب إلى الواقعية القصوى، دون أن يعني هذا خروجاً عن إطار التواصل مع نقاط ارتكاز أساسية تحقق الناحية الأسلوبية، ولاتبقى في حدود الصياغة الواقعية العادية، وهو يرصد حالات الإضاءة القوية في أماكن متفرقة من اللوحة، وهنا يذهب في بعض لوحاته إلى التقاط الإيقاعات الضوئية العابرة في لحظات سقوطها على عناصر المشهد المرسوم، كل ذلك في خطوات اكتشاف النور المحلي القادم من بلاد الشمس في شرقنا العربي.
ومن الناحية الفنية، ومن وجهة نظر تشكيلية ونقدية، نقول: رغم أنه يرسم بعقلانية منضبطة ومركزة وبمنظورية البعد والعمق، إلا أن ذلك لا يمنعه من الاتجاه في بعض مقاطع لوحاته لإضفاء لمسات لونية فيها شيء من العفوية، والواقعية الحديثة، وهذا يعني أنه يبرز في بعض المقاطع اللونية المحيطة بالسيارة، بعض العفوية والتحرر اللوني، وهذا يعني أنه يتنقل في خطوات إنجاز لوحاته، من عقلنة واقعية ضابطة إلى عفوية لونية مخففة، إلا أنه سرعان ما يرتد إلى لغة الوعي حين يجسد بلغة تصويرية مفرطة في واقعيتها سيارات قديمة ومتنوعة، في ماركاتها وألوانها وموديلاتها المتحفية ومنتهية الصلاحية.
والغالب في لونية عمار الشوا هو منحى التعتيق والتآكل، الناتج عن مرور الزمن، وتأثيرات الريح والمطر والرطوبة والشمس الحارقة على السيارات المتروكة في الطبيعة أو على الطرقات والأرصفة، حيث يمتلك خبرة عالية في استخدام الوسائل والتقنيات التي تساعده في إبراز تأثيرات الزمن على السيارة المرسومة بدقة مفرطة أو بواقعية قصوى، إن لجهة اختيار ألوان الصدأ أو لجهة استخدام مواد وتقنيات خاصة تساعده في إبراز هذه التأثيرات البصرية التي توحي بالقدم وبمرور الزمن.


والتعتيق الذي ينطلق منه، ويصل إليه، تتخلله إيقاعات الظل والنور، وتداخل درجات لونية محددة، وخاصة بلون كل سيارة على حدة، وهذا يساعد في حضور أجواء لونية متعاقبة تعاقب الزمن نفسه، ويجعل النظر يتنقل من مستوى إلى آخر، داخل فضاء اللوحة.
إن إضفاء مثل هذه الحركة على المناخ اللوني المعتق، يشكل إيقاعية بصرية داخل أجواء سكونية، فالحركة في اللوحة تكمن في ذلك الحضور الضوئي في أماكن متفرقة من اللوحة، والذي يعمل على تحريك الأجواء اللونية المعتمة والجامدة والساكنة، تشحنها أيضاً لمسات اللون، وأسلوب الضربات المتفاوتة الحساسية، والمحركة لأجواء اللوحة.
واللافت أنه يبذل جهداً كبيراً في خطوات الوصول إلى لوحة مدروسة وبعيدة عن أجواء الصخب والتباساته الفنية، ولهذا تأتي المشاهد والأشكال في لوحاته على قدر كبير من الإتقان والتوازن، رغم بروز الإيقاعات واللمسات التلقائية وإيقاعاتها في أماكن عديدة من مساحة اللوحة كما أشرنا، والتي تحقق الناحية الأسلوبية وبصمة الفنان الخاصة.


واللمسات اللونية والضوئية المتتابعة، التي تبرز في أماكن متفرقة من اللوحة، والتي يمكن ان تغطي مساحات واسعة من اللوحة، تشعرنا دائماً بتلك الرغبة الدائمة في إبراز العفوية القريبة من رومانسية ما قبل الانطباعية، وتضعنا أمام الشعور بحضور الأزمنة المتعاقبة، وهذا يشير مرة أخرى إلى حضور دلالات زمنية تؤكد هذا الإلغاء لزمن معين أو محدد، وتعمل على تحريك عناصر الأزمنة القديمة والذهاب بها باتجاه الحاضر والثقافة البصرية التي نعيشها، ومن هنا جاء عنوان المعرض “لا حدود بين الفن والحياة”.

آخر الأخبار
واقع السكن العشوائي في سوريا.. أحياء بلا هوية  تصميم نظام تمويل عقاري يحتاج لإعادة هيكلة القطاع المصرفي راحة ورضا بين طلاب الثانوية بعد أداء امتحان التربية الدينية النساء يصنعن فرقاً.. بازار "كوني أنتِ".. من الإبداع إلى الاستقلال "نبض الحياة الطبي".. خدمات مجانية تخفيفاً للضغوطات خدمات مجانية تخفيفاً للضغوطات بحث عدد من المسائل الوقفية وندوة حول العمل الدعوي المخدرات الرقمية "الأغا خان" تقدم جهازين لغسيل الكلى لمستشفى سلمية الوطني خدمة "شام كاش" في بريد درعا "رعاية المكفوفين" بدمشق تكرّم اثنين من حفظة القرآن الكريم ثلاث منظومات طاقة لآبار مياه الشرب بريف حماة الجنوبي الفن التشكيلي يعيد "روح المكان" لحمص بعد التحرير دراسة هندسية لترميم وتأهيل المواقع الأثرية بحمص الاقتصاد الإسلامي المعاصر في ندوة بدرعا سوريا توقّع اتفاقية استراتيجية مع "موانئ دبي العالمية" لتطوير ميناء طرطوس "صندوق الخدمة".. مبادرة محلية تعيد الحياة إلى المدن المتضررة شمال سوريا معرض الصناعات التجميلية.. إقبال وتسويق مباشر للمنتج السوري تحسين الواقع البيئي في جرمانا لكل طالب حقه الكامل.. التربية تناقش مع موجهيها آلية تصحيح الثانوية