لن نتوقف كثيراً عند هواجس ومخاوف وقلق ورعب أوساطنا التجارية والصناعية والسياحية والطبية، من عملية الربط الإلكتروني، التي سينطلق قطار تطبيقها رسمياً بداية شهر كانون الأول القادم “قطار بلا فرامل ـ كما تؤكد وزارة المالية”،
ولن نفرد مساحات كبيرة لنقل الأصوات المشككة والمشوشة مسبقاً بموجبات نجاح هذه الخطوة المالية، التي ستأخذ بيد الخزينة العامة للدولة لاستعادة وتحصيل جزء من مالها المنهوب والمسروق والمخبأ والمكدس في أرصدة وخزائن شريحة غير هينة من الصناعيين والتجار والباعة المتهربين ضريبياً، ولن ندخل في نفق الاصطفاف “مع وضد”.
لكننا، وبكل تأكيد سنتشبث “بكل ما أوتينا من قوة” مع كل خطوة أو تحرك يخرج مركبنا الضريبي من مستنقع المياه الراكدة إلى بر الإصلاح العام الشامل والكامل الذي لطالما حلمنا به طيلة العقود الماضية، إصلاح ينقلنا من الندرة “القاتلة” إلى وفرة التحصيل “المنعشة” وتغطية الإنفاق العام، إصلاح يقودنا إلى تحقيق ثالوث الحد من التهرب، وتصويب آلية التحصيل، وإحقاق العدالة في توزيع العبء الضريبي على المكلفين حسب بياناتهم وفواتيرهم لا وفق أهوائهم ومصالحهم “الضيقة” ومكاسبهم التي كانوا يحققونها ويتقاسمونها مع المراقبين مقابل فتات ليس إلا.
إصلاح بعيد كل البعد عن الحركات البهلوانية الاستعراضية الالتفافية التي كانت سائدة وبقوة في فترة من الفترات السابقة “من فوق الطاولة لا من تحتها”.
ما يهمنا اليوم أكبر وأهم بكثير من عمليات الأخذ والرد والقيل والقال، ما يعنينا اليوم ليس فقط ورشات العمل والندوات والاجتماعات التعريفية والتوضيحية بآلية تطبيق الربط الإلكتروني، ما نتوق لرؤيته اليوم هو الثقة المتبادلة بين المكلفين والإدارة الضريبية ونسف كل ما له صلة بالتلاعب والممارسات البشرية، وتنظيم القطاع الاقتصادي وأنظمة الفوترة، والوصول إلى المكلفين الحقيقيين “كبار ومتوسطين وصغار” لا الوهميين الذين كانوا ومنذ عشرات السنين الحلقة الأقوى في معادلتنا الضريبية، كونهم كانوا”يكسبون” الملايين والمليارات بالقنطار، ويذرفون دموع، عندما يدفعون”القروش”بالقطارة.