د. مازن سليم خضور:
انتهت جولة الولايات المتحدة الأميركية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية كروياً وكانت النتيجة لصالح الدولة العظمى؛ نتيجة لم ترق لأنصار إيران خاصة وأن فريقهم لو انتصر لكان تأهل إلى الدور الثاني من مونديال قطر ٢٠٢٢.
خسارة كانت متوقعة ليس بسبب قوة الولايات المتحدة الأميركية التي لا تمتلك الثقل الكروي الكبير كما جيرانها في دول أميركا اللاتينية ولكن بسبب حال الفريق الإيراني نفسه الذي خسر بستة أهداف مقابل هدفين أمام الفريق الانكليزي، ومحاولة لاعبيه خلط ما يجري في بلدهم مع الرياضة، والقصة باتت معروفة للجميع، وبالتالي في هذا المونديال خسرت إيران أمام المملكة المتحدة من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى.
إيران خسرت جولة في الرياضة، لكن الحرب الأخرى لم تنتهِ مع الغرب، خسرت كروياً وعلى أرض الدوحة لكنها انتصرت وتنتصر في مجالات أخرى- وفق آراء البعض- وعلى أراض وملاعب مختلفة.
كل هذا يقودنا إلى تساؤل رئيسي حول ما حصل في مونديال قطر من إقحام الثالوث المحرم (الدين والسياسة والجنس) بالرياضة وفي هذا الحدث الرياضي الذي يحسب لمنظميه جمالية التنظيم وروعة البنى التحتية والملاعب والأهم من ذلك أنه وللمرة الأولى جرى في بلد عربي وبالتالي هذا المونديال وللمرة الأولى تحدث بلغة الضاد.
الثالوث المحرم والمونديال
ومع هذا المونديال يبدو أن الثالوث المحرم “الدين والجنس والسياسة” تفاعل تأثيره أضعافاً مضاعفة.. فطالما نودي دائماً بفصل الدين عن الدولة وفصل السياسة عن الرياضة ولكن هذا كله تلاشى في المونديال.. يقول المفكر العربي محمد عبده في مقولة شهيرة “لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين” فكيف إذاً في الرياضة!
المونديال وتابو السياسة
فقد شهد مونديال قطر مجموعة من الأحداث السياسية التي تم ربطها بالرياضة والأبرز منع الاتحاد الروسي من المشاركة في المونديال بسبب الحرب الأوكرانية وهذا ما استدعى روسيا إلى رفع دعوى قضائية لكن النتيجة كانت رفض محكمة التحكيم الرياضي الاستئناف الذي تقدم به الاتحاد الروسي لكرة القدم ضد قرار إيقاف منتخب بلاده بسبب العملية العسكرية في أوكرانيا وبالتالي حرمان روسيا من الاستمرار في التصفيات المونديالية.
كذلك الاتحاد الأميركي لكرة القدم وعلى حسابه الرسمي يقوم بتغيير علم الجمهورية الإسلامية الإيرانية حيث حذف من العلم كلمة (الله) وزخرفة (الله أكبر) وبسبب هذا قام الاتحاد الإيراني برفع دعوى قضائية أيضاً بسبب هذا الموضوع.
المونديال وتابو الدين
يعلم القاصي والداني أن قطر دولة عربية مسلمة وبالتالي من اختار أرض الدوحة لتنظيم المونديال يعرف أن المجتمع القطري هو مجتمع عربي مسلم تحكمه العادات والتقاليد العربية والدين الإسلامي ولكننا شاهدنا قبيل المونديال تصاعد الأصوات التي بدأت تتحدث – في وقت مستغرب- عن مجموعة من القواعد التي فرضتها الدوحة على رواد المونديال وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي عن هذا الموضوع علماً أنها أمور تنظيمية بحته وتجري في كل البلدان المنظمة لهكذا أحداث رياضية لضبط الأمن والأمان ولكن في مونديال ٢٠٢٢ علت الصيحات بأن الدوحة حرمت الرواد من شرب الخمر والكحول وأنه يفترض وضع أماكن محددة لذلك، وهذا ما يحصل عادة في البلدان المنظمة للمونديال لكن كانت الأمور تجري دون أي زوبعات إعلامية كما حدث في هذا المونديال!.
المونديال وتابو الجنس
وكان ملفتاً جداً ما حصل سواء قبيل المونديال أو أثناءه في هذا الموضوع لاسيما موضوع المثلية الجنسية والدعوة إلى دعم تلك الفئة عبر ارتداء شارة الكابتن لعدد من الدول الأوربية توضح شعار “حب واحد” لدعم المثليين لكن قرار الفيفا كان واضحاً برفض ومعاقبة من يقوم بذلك من المنتخبات وكذلك رفضت الدوحة إدخال الأشخاص الذين يرتدون زياً يشير إلى المثلية إلى الملاعب.
ورداً على ذلك وضع أفراد المنتخب الألماني أيديهم على أفواههم إشارة منهم إلى تكميم أفواههم وسلب حريتهم المزعومة، رفضاً لقرار الاتحاد الدولي لكرة القدم ”الفيفا” بمنع تأييد ودعم المثليين “مجتمع الميم”.
كل هذا لا يمنع أن المونديال كان رائعاً وجميلاً على المستوى الكروي من حيث التنظيم للمتابعين الذين ذهبوا إلى الدوحة وتأمين وسائل النقل والإقامة وتوفير الخدمات أو من حيث الأداء بالنسبة للمشاهد والمتابع عبر النقل الجميل إعلامياً وهذا فقط ما يهم عشاق الساحرة المستديرة.