ما أهم النصائح التي يقدمها لنا المختصون والمرشدون الاجتماعيون وخبراء الأسرة كي نصل إلى أهدافنا في حياتنا الاجتماعية؟ الإجابة لا تحتاج إلى كثير عناء لفك شيفرتها، فكل طرق الوصول إلى الهدف – حسب هؤلاء الخبراء – تبدأ من تحديد الهدف أولاً، ولكن كيف نحدد هذا الهدف؟.
الخطوة الأولى في تحديد الهدف تبدأ من الشخص نفسه، فبناءً على الأولويات والاهتمامات الأساسية له يتم ذلك، ناهيك عن قدراته ونقاط قوّته، واستخدامها بطريقة تتلاءم جيداً مع هذا الهدف، وكذلك تحديد طبيعة الهدف، هل هو ماديّ، أو مهنيّ، أو تعليميّ، أو في مجالات التعامل مع الآخرين، وغيرها الكثير من الأهداف.
الخطوة التالية هي وضع هذا الهدف ضمن معادلة العقبات التي قد تعترض تحقيقه، وجملة العوائق المتوقعة، وحساب كيفية تجاوزها، حتى لا يُصدم الشخص بها لاحقاً، ويظن أن السبب هو من المحيط به، من مجتمعه أو أسرته مثلاً.
وأما الخطوة التي تليها فهي أن يضع الشخص بحسبانه كل الاحتمالات المتوقعة في طريق الوصول إلى هدفه؛ وبالتالي إمكانية التعامل معها أياً كانت صعبة، بهدف التمكن من مواجهتها والتعامل الإيجابي معها، وأن يبتعد المرء عن الكسل، والخمول، على قاعدة الباحث شوهان التي تقول: “يبدو أننا ننظّر فقط للعوائق الخارجية في طريق هدفنا، ولكن العائق الأكبر قد يكمن بداخلنا، وكيف نرى طاقاتنا وإمكانياتنا”.
فالحياة التي نعيشها وبكل ما فيها من مصاعب وهموم وعقبات تبقى جميلة بكل المقاييس، ولكن الوصول إلى أهدافنا فيها تحتاج إلى العمل والتأمل والتفكير بكل خطوة، لنفوز بها، إن كان في بناء أسرتنا أو في وصول أبنائنا إلى غاياتهم وأمانيهم، فالسعادة لا تأتي هكذا اعتباطاً أو مجازفة، بل بالعمل، والعزيمة التي لا يشوبها الخور والضعف والاستكانة أمام الصعاب والملمات.
فلا يمكن لأحد يريد أن يصبح طبيباً أو مهندساً أو تاجراً ماهراً إلا إذا امتلك ناصية العلم والتخطيط والاجتهاد والمثابرة، وسهر الليالي الطوال واستغنى عن كل شيء فيه مضيعة للوقت، وبهذا السبيل فقط يجد الإنسان نفسه أمام النجاح المبهر الذي يحقق الهدف.
وشتان بين من يطلب تغيير حاله بالركون إلى الواقع والفقر والعوز والحاجة، وبين من يكد ويتعب ويجتهد، فهذا الأخير هو الذي يصل إلى هدفه، لأنه يمتلك الرغبة للوصول إلى أعلى المراتب، والأمر لا يقتصر على الأشخاص فقط بل ينسحب على المجتمعات والدول التي تسابق الزمن لتكون رائدة وسباقة في الوصول إلى الإنجازات العظيمة التي تعود بالخير على مجتمعاتها.
فالحياة المفعمة بالحيوية والعطاء تحتاج إلى أشخاص يعشقون العمل ويهبونه وجودهم وطاقاتهم، وهؤلاء فقط هم القادرون على تحديد أهدافهم، ورسم طرقهم، لأنهم يملكون الإرادة والتصميم لنيل أمانيهم، فتحية إلى كل يد تعمل في بلدنا، إلى فلاحينا وعمالنا، إلى جنودنا البواسل، الذين يدافعون بيد ويعمرون بيد بكل همة ونشاط ليضيفوا لبنة جديدة في جدار صرح سورية الحضاري العظيم.
جمال شيخ بكري
التالي