الثورة- غصون سليمان – بشرى سليمان:
طروحات واستفسارات كثيرة كانت على مستوى التحديات المجتمعية التي أشارت إليها الندوة الخاصة بمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي الذي اقامها الاتحاد العام لنقابات العمال” لجنة المرأة العاملة” على مسرح الاتحاد وذلك تزامناً مع الحملة الأممية والمسماة بحملة ال١٦ يوما لمناهضة العنف ضد المرأة والتي بدأت في ٢٥ الشهر الفائت.
الندوة التي أدارتها الإعلامية هناء الصالح وحضرها جميع المعنيين في المؤسسات والوزارات والنقابات العمالية أعطت دفعاً كبيراً للجهود التي تبذلها سورية لمعالجة كل أنواع العنف وخاصة في ظروف الحرب الإرهابية على سورية.
جمال القادري رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال أوضح في افتتاح فعاليات الندوة حرص الاتحاد العام على إقامة هذه النشاط بالتزامن مع الحملة التي أعلنتها الأمم المتحدة لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي والتي بدأت في الخامس والعشرين من الشهر الفائت، داعياً إلى الاستفادة من وجود خبرات دينية وقانونية ونقابية، لاستخلاص توصيات جدية يمكن التعويل عليها لإيجاد حلول ناجعة لهذه الظاهرة بالتعاون مع الجهات المعنية.
وأضاف أن سورية، قطعت أشواطا كبيرة في إطار مكافحة العنف ضد المرأة، وذلك إنطلاقاً من التزام المجتمع بالدستور السوري وما تفرع عنه من قوانين وتشريعات مصدرها الأساسي الشريعة الإسلامية والتي حرّمت التمييز وساوت بين الرجل والمرأة.
ونوه القادري على أهمية تجاوز الكثير من ظروف الحرب الإرهابية التي فرضت على بلدنا، وما خلفته من دمار وخراب ومظاهر عنف تمثل أقسى صورها بالعنف النفسي الذي تعرضت له المرأة السورية، فليس هناك تعنيف للمرأة أكثر من عدم قدرتها على تدبير أمور أسرتها وأن تفقد فلذة كبدها في حروب إرهابية عبثية فرضها شذاذ الآفاق والإرهابيين، وهو ماتعمل الدولة بكل مفاصلها على مواجهته، منوهاً بالدور الهام للاتحادات والمنظمات والجمعيات في مسح غبار هذه الحرب وآثارها عن المرأة السورية.
*تطبيق القوانين
وفي مناقشات محاور الندوة قدمت المحامية رنا المدني أمين سر رابطة الحقوقيين السوريين، عرضاً تفصيلياً عن جملة القوانين الخاصة بهذا المجال بدءاً من تعريف العنف الواقع على النوع الاجتماعي وخاصة الأفعال والأعمال المؤذية جسدياً ونفسياً، إضافة إلى تأثيرات الفقر والصراعات وغياب تطبيق القوانين والآفات الاجتماعية كالمخدرات في زيادة انتشار العنف.
وحول الآليات المتبعة محلياً لمناهضة العنف ضد المرأة ومدى مطابقتها للمعايير والالتزامات الدولية أشارت المحامية مدني أن سورية تبنت الإعلان العالمي لحقوق الانسانية ١٩٤٨، كما انضمت سورية إلى الاتفاقيات الدولية أهمها اتفاقيات أسوأ أشكال عمل الأطفال، واتفاقية الحد الأدنى للسن، كما صادقت سورية على اتفاقية العمل الدوليين في مجال الاستخدام والمساواة مع الآخر، إضافة إلى المصادقة على اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة سيداو مع بعض التحفظات.
وأشارت إلى أن دستور عام ٢٠١٢ جاء مكرساً بين مبادئه الأساسية حماية حقوق الإنسان ، والحريات العامة، والعدالة الاجتماعية والمساواة، وتكافؤ الفرص، وسيادة القانون، ونص بالمواد الصريحة منه على توفير الدولة للمرأة جميع الفرص للمساهمة الفعالة والكاملة في الحياة السياسية والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، ويعمل على إزالة القيود التي تمنع تطورها ومشاركتها في بناء المجتمع.
كما بين الدكتور حسان عوض عميد كلية الشريعة بجامعة دمشق ومستشار وزارة الأوقاف، أهمية التعديلات التي أُقرت على قانون الأحوال الشخصية السوري، والتي جعلته رائداً على مستوى الوطن العربي بما يخص المساواة بين الجنسين، انطلاقا من خصوصيتهما وبما يكفل حماية حقوق المرأة والحفاظ على مكانتها كما كفلها وأوصى بها جوهر الدين الإسلامي الذي أوصى بالنساء خيراً. ووجوب الحفاظ على مكانتها ووجودها، ورعاية شؤون الأسرة دون اي تمييز.
ومن جهتها أشارت رغداء الأحمد الباحثة في قضايا المجتمع والأسرة إلى الآثار السلبية التي فرضتها ظروف الحرب العدوانية وتداعياتها الخطيرة على الفرد والمجتمع الصغير والكبير، ضرورة صياغة مذكرة شاملة نسلط الضوء فيها على معاناة الشعب السوري بكافة فئاته، والتي تسببت فيها دول العدوان عبر أدوات الإرهابيين الذين دمروا وقتلوا، إضافة إلى سياسات الحصار والتجويع التي تستهدف لقمة عيش السوريين وآثارها على زيادة معدلات العنف، لافتةً إلى أهمية البيئة والمجتمع في تربية الأجيال وتنشئتها بعيداً عن التعصب والتطرف والعنف.
بدوره عرض الدكتور عدنان عزوز المدير الإقليمي لاتحاد النقابات العالمي، مضمون الاتفاقية الدولية لمناهضة العنف والتحرش في مكان العمل، والتي تشمل بشكل أساسي التخويف والتمييز والإهانات والنميمة والايذاء، إضافة لتأثيرات العنف المنزلي على الحالة الإنتاجية والصحة والسلامة المهنية، لافتاً إلى ضرورة نشر الوعي، وإقامة جلسات حوارية في أماكن العمل، ووضع مدونة سلوك للإبلاغ عن حالات العنف ونشرها ومعالجتها.
*قانون العمل
وتحدثت عواطف الحسن مديرة السياسات في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، عن القوانين المعمول بها في سورية في مجال الحماية الاجتماعية، إضافة إلى القرارات التي اتخذتها الوزارة بمجال حماية المرأة في أماكن العمل، مثل القرار رقم ٤٨٢ لعام ٢٠١٧ الصادر عن وزارة العمل الذي اعتمد تشغيل النساء.
في حين تعمل الوزارة على استصدار قانون الحماية من العنف الأسري الذي يهدف إلى حماية أفراد الأسرة من جميع أشكال العنف الواقعة ضمن نطاقها والحد من انتشاره والوقاية منه.
بالإضافة إلى تقديم المساعدة الاجتماعية للنساء عبر دعم وتمكين المرأة الريفية ومساعدتها في تأمين احتياجاتها المعيشية ضمن بيئة سليمة، داعية إلى تضافر الجهود وتعميق التعاون بين كل الجهات الحكومية والأهلية والمنظمات الدولية العاملة في هذا المجال.
وقدم المشاركون مداخلات أغنت الورشة فطالب البعض بإعداد برنامج عمل وطني يوثق ظاهرة العنف ويسهم في الحد منها والتركيز على نشر الوعي عبر وسائل الإعلام المختلفة بما يسهم في نشر ثقافة المساواة ونبذ العنف، بينما تساءل البعض عن إمكانية تطبيق الاتفاقيات الدولية في هذا المجال وإمكانية تعديل الثغرات الموجودة في القوانين السورية ودور وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في معالجة الظواهر السلبية كتسول الأطفال والنساء والتشرد.
وتركت الورشة صدى إيجابيا لدى المشاركين وخاصة لجهة الطروحات الجادة والنقاشات الحوارية بينهم والتي ساهمت في توضيح عدة نقاط في مجال مناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي.
هذا وقد حضر أعمال الندوة عدد من أعضاء من مجلس الشعب وأعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد العام ورؤساء الاتحادات المهنية وممثلي الوزارات والجمعيات والهيئات المعنية والدكتور حسان العوض عميد كلية الشريعة والدكتورة بارعة شقير عميد كلية الإعلام.