عناوين براقة اختارتها وزارة الزراعة هذا العام لحملة التشجير الوطنية التي انطلقت في الأول من شهر تشرين الثاني 2022 ولنهاية شهر آذار 2023، وهي لم تكتفِ بحملة واحدة بل قسمتها إلى خمس حملات تشجير وطنية بهدف إعادة تشجير المواقع الحراجية التي تعرضت للحرائق إضافة لمواقع جديدة من أجل زيادة المساحات الخضراء في ظل تعرض البلاد لتعديات كثيرة على المواقع الحراجية والغابات الطبيعية.
فمن حملة عيد الشجرة المركزي تحت شعار «هيا نزرع .. لمستقبل أخصر» إلى حملة تشجير المدارس والجامعات تحت شعار«بالأمل نغرس الشجر» وحملة تشجير النقابات والهيئات والمنظمات والمؤسسات تحت عنوان «لمناخٍ أفضل.. نغرس الشجر» وصولا إلى حملة التشجير الأسرية تحت عنوان «حباً بالأرض نغرس الشجر» وحملة توزيع خمس غراس حراجية مجاناً لكل أسرة تحت شعار «محبة- عطاء- نماء» ، هي خمس حملات وطنية تتوقع وزارة الزراعة أنها ستصل لزراعة أكثر من مليون غرسة من خلالها.
بلا شك مشكورة جهود وزارة الزراعة وشركائها في هذه الحملات الوطنية التي نأمل أن تتكلل بالنجاح من حيث الوصول لزراعة أكثر من مليون غرسة، وأن تكون زراعة مليون شجرة في الأرض لا على الورق كما تعودنا في سنوات سابقة، أو أن تزرع وتنسى وتترك لمصيرها لتعاد حملات التشجير في نفس المكان في أعوام أخرى.
الحقيقة إن الرقم المستهدف (زراعة مليون غرسة) هو رقم متواضع قياساً بعدد الحملات والشركاء فيها، ومقارنة بالاحتياجات العاجلة التي فرضتها الحرب والتغير المناخي والذي أدى إلى تآكل الغطاء النباتي بشكل عام وتراجع نسبة المساحات الخضراء وخصوصاً الغابات التي تعرضت للحرائق والتحطيب الجائر بفعل حاجة الناس للتدفئة في ظل غياب المحروقات150 يوماً، إذا ما قسمنا مليون غرسة على 150 يوماً تكون حصة كل يوم حوالي 6600غرسة على مستوى سورية، وهو رقم متواضع جداً، لكن أن تزرع مليون غرسة في عام وتعتني بها، أفضل من أن تزرع ملايين الغراس الحراجية وتتركها لمصيرها من دون عناية أو متابعة.
ومن هنا، فإن ما ذكرته وزارة الزراعة في خطتها من تعليمات وإجراءات وتشبيك مع الجهات الحكومية ومؤسسات المجتمع المحلي والمؤسسات الأهلية لمتابعة وضع الغراس ورعايتها وحمايتها من التعديات يمكن أن تكون بداية صحيحة لضمان نجاح الحملة الوطنية للتشجير وغيرها من الحملات في السنوات المقبلة.
لكن المطلوب من وزارة الزراعة وشركائها في الإدارة المحلية أن تطبق التعليمات والإجراءات التي وضعتها على أرض الواقع بمسؤولية ووعي وطني لأهمية الشجرة والغطاء النباتي في مواجهة التغيرات المناخية والحماية من الجفاف والتصحر والعواصف الغبارية التي بدأت تشهدها سورية بشكل متكرر وبقوة لم تكن معهودة سابقاً.
كلنا يذكر مشروع الحزام الأخضر الذي أطلقته سورية في الثمانينيات من القرن الماضي والذي بفضله تم تشجير مساحات واسعة على حدود الصحراء، واستصلاح الكثير من الأراضي وزراعتها بالأشجار المثمرة، ولكنّا اليوم نحن بحاجة إلى مشروع جديد يشبه الحزام الأخضر لاستعادة ما تم تدميره خلال الحرب لاسيما أنّ بلادنا تتعرض اليوم وفق الدراسات المناخية لتغير مناخي يتجه نحو الجفاف.
التالي