الثورة – محمود ديبو:
رغم حالة الركود في مختلف الأسواق المحلية بما فيها أسواق المواد الغذائية ومعها الألبسة والأحذية وغيرها، فإن حمى ارتفاع الأسعار طال سوق السيارات المستعملة لتصل إلى أرقام غير متوقعة رغم حجم العرض الكبير في السوق ورغم ما هو معروف عن السيارات المستعملة وحاجتها إلى الإصلاح الدائم وعدم توافر قطع الغيار الأصلية، إلى جانب المسألة الأهم وهي عدم توفر المحروقات وارتفاع أسعارها..
إذ أنه وبالتواصل مع عدد ممن عرضوا سياراتهم للبيع نجد شريحة لا تزال تعتقد أنها تبيع سيارة (خام) لا تزال بشحمها في حين أن تاريخ صنعها يعود إلى ستينيات القرن الماضي، وسبب اعتقادهم هذا أنها سيارة ذات ماركة عالمية ومشهورة حتى الآن بصناعة السيارات ولذلك لا بد من أن يكون ثمنها مرتفعاً حتى لو كانت قديمة بعيداً عن الحالة الفنية للسيارة وسنوات الاهتلاك والاستهلاك والتغييرات الحاصلة على المحرك أو على دارة الكهرباء أو التبريد أو البنزين وما شابه..
نشاط ملحوظ وعروض كثيرة للبيع في عدد من المحافظات منها دمشق وحمص وحماة واللاذقية وحلب وطرطوس، إلا أن القاسم المشترك ما بين جميع أسواق السيارات في المحافظات هو أن كل صاحب سيارة يطلب السعر الذي يراه مناسباً لسياراته انطلاقاً من رأيه بأن مركبته مميزة وتستحق هذا السعر، الأمر الذي أثر على جميع العارضين ودفعهم لطلب أسعار مماثلة إن لم تكن أعلى من غيرها..
ولا يزال التفوق حالياً للسيارات الكورية الصنع والتي يطلب فيها أصحابها أرقاماً بعشرات الملايين رغم أن سنوات صنعها تعود إلى ما قبل 2005 وهناك أسعار لسيارات من الفئة التي يمكن أن يقال عنها شعبية قد تجاوزت 120 مليون ليرة.
اللافت في أسواق السيارات عموماً أن لا ضوابط واضحة للتسعير والبيع والشراء، فالأمر خاضع لشطارة البائع أو الشاري، أو ربما لشطارة صاحب المكتب وقدرته على اقناع الزبائن سواء أكانوا أصحاب سيارات أم ممن يرغبون بشرائها.
ولعل بعض ما يحصل في أسواق بيع وشراء السيارات المستعملة يستحق تصنيفه على أنه ظواهر مدهشة، فكثيراً ما وجد البعض أنفسهم ضحية لحالات نصب واحتيال وتحايل بعد اكتشافهم أن السيارة التي اشتروها فيها الكثير من العيوب المخفية التي قد يعجز على الشخص العادي اكتشافها، وربما تحتاج لخبير مكانيك أو كهرباء أو تصويج.
فخلال سنوات الحرب العدوانية على سورية شهدنا تدمير وحرق للعشرات من السيارات الخاصة في المناطق التي شهدت اعتداءات من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة، وهذه السيارات شهدت طلباً متزايداً من قبل أشخاص اشتروها وأعادوا تأهيلها وتجديدها، وباعوها على أنها سيارات جديدة أو (خالية العلام) بحسب المصطلح الدارج في أسواق السيارات.
وهناك العديد من الحالات أيضاً التي شهدت احتيالاً على مواطنين اشتروا سيارات لكن تبين بعد فترة أنها سيارات مسروقة وتم تزوير أوراقها من قبل البائع ما أوقعهم في ورطة مع الجهات المعنية وأدت إلى خسارتهم الأموال التي دفعوها إضافة إلى السيارة.
بالمجمل يمكن القول إن الدخول إلى أسواق السيارات يحتاج إلى الكثير من التأني والدقة والتأكد من الكثير من الأمور أهمها التحقق من المالك الحقيقي للسيارة مروراً بتفقد الحالة الفنية للمحرك والتأكد من أن الهيكل لم يتعرض إلى عمليات قص ووصل وإعادة تصويج وبخ، وصولاً إلى مجموعة الدوزان والكهرباء وغيرها من الجوانب التي يجب ألا يغفل عنها كل زبون يرغب بشراء سيارة مستعملة.