فؤاد مسعد
العمل كثير والحقل كبير، عبارة تلخص حال السينما السورية والمأمول منها في عام جديد، حيث تطال الأمنيات المُنتظر تحقيقها مختلف مفاصل الحراك السينمائي، بما فيها عودة مهرجان دمشق السينمائي الدولي إلى الحياة بعد تعليق دورته التاسعة عشرة عام 2011، وعودة مهرجان «سينما الشباب والأفلام القصيرة» بعد غيابه لمدى عامين متتاليين «2021-2022» فيكرس حضوراً مختلفاً وأكثر اتساعاً وتطوراً ليمسي مهرجاناً دولياً.
ولعل واحدة ومن أهم الأمنيات تقديم الدعم للصناعة السينمائية سعياً إلى تحقيق أفلام تعكس بيئة وأفكاراً ورؤى متنوعة «خاصة في الفيلم الطويل» وأن تتحول عملية الإنتاج والعرض إلى طقس متكامل، بمعنى أن يُعرض الفيلم الجديد بعد تصويره وانتهاء عملياته الفنية دون تأخير قد يصل إلى أكثر من سنة، وأن تطرق هذه الأفلام باب المهرجانات الكُبرى متسلحة بمستوى فني وإبداعي وجمالي يؤهلها للمنافسة وتحقيق الحضور المميز فيها، وتجد طريقها نحو دور العرض العربية والأجنبية، ويكون هناك موقع خاص على الإنترنت يتيح مشاهدة المناسب منها مع ضمان حقوق العرض المحمية مما يصعّب من عملية قرصنتها وتصل إلى المتلقي بجودة مقبولة وبوقت مناسب بعد إنتاجها، وتحقيق ربحية مادية مقبولة، كما لا بد أن تمتد حمى الإنتاج لتصيب القطاع الخاص ليأخذ دوره الحقيقي والصحيح في هذه المعادلة.
ومن الأمنيات الحارة أيضاً عودة سلسلة الفن السابع إلى تقديم إصداراتها بالغزارة التي كانت عليها قبل سنوات، هذه المطبوعات التي يمكن تقديمها بصيغة «PDF» لتعم الفائدة بشكل أكبر، إضافة إلى تفعيل مشروع ترميم الأفلام الذي سبق وتم الإعلان عنه منذ عدة سنوات، كما أنه من الأهمية بمكان تفعيل حضور المكتبة الوطنية السينمائية «السينماتك» التي أطلقتها المؤسسة العامة للسينما أواخر عام 2019 ودعمها بالكتب والأبحاث السينمائية العربية والعالمية وزيادة عدد الأفلام فيها ودفعها لتلعب دورها في تشجع إنجاز الأبحاث السينمائية المتخصصة لتكون مركز إشعاع وتنوير سينمائي للمهتمين والباحثين، خاصة أن «السينماتك» لم تستطع استقطاب الجمهور المُحب للسينما إلا في حالات نادرة، واقتصر دورها بكونها مكتبة تضم تجهيزات لمشاهدة أفلام على أقراص «DVD» وليس شرطاً أن تجد فيها كل كلاسيكيات السينما العالمية وإنما مختارات هامة منها. وفيما يتعلق بصالات العرض فبات وضعها معروف للقاصي والداني، ومما زاد من الطين بلة الدمار والخراب الذي خلفته الحرب على العديد منها، الأمر الذي يحتاج إلى قرارات جريئة وإمكانيات مادية كبيرة، وريثما يتحقق ذلك لا بد من اللجوء إلى الحلول البديلة إضافة إلى ما تشكله سلسلة صالات الكندي من حضور هام على الساحة، ومن تلك الحلول التي يمكن اللجوء إليها في الأماكن التي تفتقر وجود الصالات المؤهلة بشكل جيد أن تتم الاستفادة من صالات ومسارح المراكز الثقافية وتجهيزها بأقل ما يمكن لخدمة متطلبات شروط العرض السينمائي، ليس لعرض طارئ أو استثنائي أو افتتاح أو لإقامة تظاهرة محددة الأيام، وإنما لعروض مستمرة ومتواترة أسبوعية وفق إمكانيات كل مركز ثقافي في المحافظة التي هو فيها، على أن تُستقطب أحدث وأهم الإنتاجات العالمية وبأسعار بطاقات مقبولة للعائلة ليُعاد إلى طقس العرض السينمائي ألقه من جديد.
التالي