الثورة – وداد محفوض:
تعد مدينة طرطوس القديمة، في محافظة طرطوس من المدن القديمة والأثرية، في سوريا، وتتمتع بهوية خاصة، لغناها الثقافي والاجتماعي، نظراً لتعاقب الحضارات عليها، إذ تعتبر واحدة من أهم المدن الأثرية ذات طراز معماري مميز، فهي من المدن التاريخية المأهولة بالسكان، ولها شأنها الوطني كمعلم مسجل على لائحة التراث الوطني في سوريا.
وتتركز مدينة طرطوس القديمة وسط المحافظة فهي تطل على البحر الأبيض المتوسط، وتمتاز بقربها من جزيرة أرواد والمرفأ، وتأخذ شكل نصف دائرة متجهة نحو البحر.ويرتبط سكانها ارتباطاً وثيقاً بالبحر، فأبناؤها يفضلون العمل بالمهن البحرية، كما يمتازون بالبساطة والطيبة والتماسك فيما بينهم، ويحافظون على عاداتهم وتقاليدهم الموروثة المرتبطة بطرطوس المدينة وبحرها.
وأوضح مدير دائرة الآثار والمتاحف في طرطوس المهندس مروان حسن في تصريح لصحيفة الثورة أن المدينة كانت تُعرف باسم “انترادوس”، وكانت الميناء الرئيسي لمملكة أرواد، دخلتها المسيحية مبكراً، وضمت أول كنيسة كرست للسيدة العذراء، وهي اليوم متحف طرطوس، وأضاف حسن أنه في ازدهر الاقتصاد والتجارة في عهد الفرنجة، بشكل ملحوظ “كصناعة الكاميلو” لباس الملوك من النسيج الملون”، واعتبرت طرطوس في ذلك الزمان مقصداً للحجاج المسيحيين من كل أنحاء العالم، ومركزاً هاماً لقياداتهم.
وأشار م. حسن أن المدينة مرت بعدة عصور، من الفتح الإسلامي عام 638م إلى سيطرة الفرنجة عام 1099، ثم تحريرها في عهد المماليك عام 1291، فالحكم العثماني، ومن ثم الاحتلال الفرنسي وصولاً إلى الاستقلال.
وبيّن أن أبرز معالم المدينة تشمل القلعة البحرية، والجامع العمري، وقاعة الفرسان، وكنيسة فرسان الهيكل، بالإضافة إلى ثلاثة أسوار دفاعية ضخمة والخندق المائي، منوهاً بأن المدينة حافظت على طابعها الأثري بفضل تصميمها المعماري المتين، ولأنهم استخدموا الحجارة الرملية الكبيرة والصلبة أثناء البناء والتشييد.
وعن قيمتها التاريخية بين م. حسن أن المدينة سُجّلت على لائحة التراث الوطني منذ عام 1959، وتم توسيع الحماية عام 1999 لتشمل كامل النسيج العمراني، ويُمنع فيها الهدم أو الترميم دون موافقة الجهات المختصة. وأكد أنه يقع على عاتق السكان المالكين، مسؤولية الحفاظ على الطابع التراثي والتقليدي والاجتماعي للمدينة، عند أي إجراء أعمال ترميم وصيانة لمنازلهم الخاصة، وفق شروط منهاج الترميم المعمول به في المدينة، أما المباني التي تعود ملكيتها إلى الجهات العامة، فعليها تقع المسؤولة في حماية وصيانة هذه المباني الأثرية.
وبين م. حسن أن من أهم الصعوبات التي تواجه العمل في المدينة القديمة، عدم توفر موازنة مالية مستقلة خاصة بالمدينة، لتمكنهم من إعداد خطط لإدارة وتنمية المدينة، وتنفيذها بما ينسجم مع قيمتها التاريخية والأثرية.