لاتبدو شبيهة بأي مدينة عرفناها، لاتشبه سوى ذاتها، فيها روح مغايرة ولعل أبرز مايميزها الاهتمام الكبير بالثقافة.
منذ الإثنين الماضي والشعر ينبض في الشارقة، لايزال مئة شاعر عربي يتجولون في كنوزهم الشعرية
يحتفي بهم مهرجان الشارقة للشعر العربي بدورته التاسعة عشرة.
عبر أمسيات مسائية يستضيفها قصر الثقافة في الشارقة، تجمع كل أمسية شعراء من كل الدول العربية لنتعرف على مختلف الهواجس التي تشغل بال الشعراء فيؤرخونها إبداعًا شعرياً لاحدود له يتنامى مع كل شاعر يقف على المنبر ويتبارى مع ذاته، قبل أن يتبارى مع مناظريه من الشعراء، ليتلقى جمهور المهرجان خلاصة شعرية تعرفه على قصيدة القوافي التي يحتفي بها المهرجان على أكثر من منحى.
أن تغوص في عوالم شعرية، حرص المهرجان على أن يكون غراسها مثمرًا لهو أمر مهم جداً في وقتنا حيث كل ماحولنا، يصر على تصدير الخواء.
أمثال هذه المهرجانات تبدو كحائط صد يمنع الفراغ من الاقتراب من كل من يعاصر أمثال هذه الأنشطة عميقة المعنى، شفيفة الروح.
الاحتفاء الذي عاشه الشعراء سواء عبر الجوائز أو من خلال الاحتفاء بقصائدهم من قبل النقاد والإعلاميين.
ولعل أهم ما عشناه خلال المهرجان حضور هذا الحشد من متذوقي الشعر في الشارقة، هذا الخليط الذي يجمع ذائقة متفردة لأنها مزيج من مختلف الدول العربية، لاتنفك تعلن انحيازها لعوالم الشعر.
أن نعيش عبر أيام متواصلة كل هذا الغنى الشعري، والتفاعل مع القصيدة بمعانيها المتجددة، وبمختلف مدارسها، هو ليس فرصة للشعراء فقط، ليتجدد إبداعك بل فرصة لكل من اقترب من هذا العالم، كي ينتقل بروحه إلى فلك مغاير لكل هذا التسطيح، الذي لايمكن مجابهته إلا عبر هكذا أنشطة تهيئ الوعي والعقل والأهم الذائقة لفعل فكري مغاير.
الأجواء الإنسانية لاتقل أهمية عن البعد الشعري، حيث إن التقاء كل هذا العدد من المبدعين العرب، في حيز يتيح لهم تلاقح الأفكار لهو أمر يعيد للثقافة رونقها، ويجعل من عاش هذه التجربة يستذكرها في تالي أوقاته مهما كان معتماً.