متعة من الشرق

بعد ميوزيكل (سفر النرجس) ثم (آخر حكاية)، عاد رعد خلف ليقدم ميوزيكل (قصة من الشرق) بالتعاون مع مجموعة شبابية من الراقصين والمغنين والممثلين، تتجاوز الخمسين فناناً، بعضهم يقف للمرة الأولى على خشبة مسرح الاوبرا، ومعظمهم من طلبة وخريجي المعهدين العاليين للموسيقا والفنون المسرحية.

ترجم وصف ميوزيكل في اللغة العربية إلى الكوميديا الموسيقية كتسمية لأحد عروض مسرح المنوعات (Musical Comedy) الذي يمتلك طابعاً درامياً استعراضياً، كذلك تندرج تسمية (الكوميديا الموسيقية) في إطار المسرح الغنائي فهو يجمع بين الرقص والغناء والحوار (المحكي) وكلّ تقنيات الاستعراض، ويعتمد الميوزيكل على القصة البسيطة والحبكة والسردية الدرامية المبسطة، وكلّ ذلك انطلاقاً من العالم الموسيقي. حيث يفوق الجانب الموسيقي أهمية الجانب الدرامي لذلك تُعرف الكوميديا الموسيقية غالباً باسم المؤلف الموسيقي. وتلعب بيئة العرض الدور الرئيسي في التكوين الكامل لعالم الميوزيكل بالأساس على الصعيد السينوغرافي، أو ما يمكن أن نصفه بالمشهدية المسرحية بكلّ مكوناتها من ديكور وأزياء وإضاءة. والذي يعتمد على الإبهار اللوني في كلّ زواياه، ثم المساحات الثلاثية الأبعاد على صعيد الديكور. وقد سقطت لاحقاً تسمية (كوميديا) وذلك لارتباطها بالمسرح البحت لتصبح التسمية ميوزيكل – Musical حيث لم يعد بالضرورة أن يكون العرض فكاهياً ضاحكاً.

لميوزيكال (قصة من الشرق) اختير طاقم عمل استثنائي، استطاع باتحاده وتناغمه أن يقدم لنا ساعة ونصف من المتعة الاستثنائية التي نفتقد إليها، ونحتاجها كثيراً، في أيامنا هذه. يقوم العرض على قصة بسيطة (كما هي طبيعة الميوزيكال) تحكي عن شاب وفتاة من حي واحد، وجدا نفسيهما قريبين من بعضهما أثناء دراستهما في فرنسا فتزوجا، ثم حل جفاء بينهما فقرار الانفصال عن بعضيهما حين العودة إلى بلدهما. لكن الحي المسكون بالحبّ أشعل فيهما جذوة الحبّ التي غابت بعض الوقت تحت جفاء عابر. وعلى نسيج هذه القصة البسيطة، ذات الحبكة والسردية الدرامية المبسطة، تابعنا بمتعة رقصات رائعة، واستعراضات مبهرة. وأغنيات دافئة وساحرة وحيوية. لينتهي العرض باحتفالية فرح ترافقنا حتى بعد انتهاء العرض.

يتوج العمل الجديد مساراً هاماً في تجربة رعد خلف عل صعيد الميوزيكال، فبخلاف تجربتيه السابقتين الهامتين منح خطوته حالة أكثر جماعية على صعيد التمثيل والغناء. فكنا أمام مجموعة أكبر من الممثلين الشباب البارعين، ومن الأصوات الشابة الرائعة. وأمام رقصات استعراضية غنية ومتنوعة قدّمها، على درجة عالية من الإتقان، ثماني راقصات وثمانية راقصين شاركهم فيها أربعة شباب من محترفي المهارات الجسدية الاستعراضية (باركور) أدهشوا الحضور ببراعتهم في لوحة شباب الحي، وانتزعوا تصفيقه الحار. وبين الابتكارات الغنائية الجميلة التي قدمها لنا رعد خلف في اللوحة ذاتها الأغنية التي استخدم فيه أسلوب غناء الراب الفردي عادة، بعدد من المغنين.

الانطباع الذي تركه هذا العرض الساحر عند الجمهور يشير إليه امتلاء مقاعد قاعة الأوبرا وشرفاتها على امتداد الأيام الستة، وخاصة في اليوم السادس حيث لم يستطع كثيرون الحصول على بطاقات. وكذلك التشجيع الراقي الذي بلغ ذروته مع تحية المشاركين للجمهور، واقتطف هنا بعضاً من انطباعات مهندس كبير، قدراً وعمراً وكفاءة وثقافة، نشرها على صفحته في الفيس بوك يقول فيها:

كنت ولا أزال أعتقد أنّ الإنسان الخلاّق يقفز فوق كلّ العقبات. وقادرٌ ليصل لمبتغاه. أمس أتيح لي أن أشاهد عرضاً مسرحياً موسيقياً مبتكراً. ساعة ونصف قُطعت من الزمن، انتقلت فيها من رتابة الحياة النمطية إلى الحركة والإضاءة المتبدلة والرقص والموسيقا الممتعة، وجدت نفسي، كما ذلك الجمهور المنتقى أننا خرجنا جميعاً فيه خارج أطار الحياة اليومية الرتيبة حيث وضعنا فيها قسراً. كانت فترة ترويح عن النفس فهي لا تشبه أي شيء يحيط بي تركتني أفكر معجباً بالدوافع لهؤلاء الستين شاباً وشابة رهنوا مستقبلهم للتمثيل والمسرح كمسار انتقوه فأبدعوا بحركاتهم وخفة دمهم وبراعتهم الفردية والجماعية. فاستحقوا كلّ التصفيق والثناء شكراً لهم، للمخرج والمؤلف، ولمن هم خلف الكواليس أساساً للنجاح.

أقول :إن الإطار العام لما شاهدت من الرقي والأداء لو وجد في أي عاصمة عالمية لوجدت جمهوراً يصطف طويلاً منتظراً. لم لا ونحن أول من يستحق المتعة. وأقول :إن الجينات الوراثية لجميع سكان بلاد الشام هي الأكثر عمقاً أصالة بل ومقدرة.

لم تَخُرج لما سُمي (قصة من الشرق) عنواناً مجتمعياً تروي الخفايا من العدم. نعم من الشرق المستهدف، هي تراكم عقود بنيت فيها الحركة الفنية بالمجمل بشهرة فردية وجماعية محلياً وعالمياً فاستحقتها بجدارة التعبير.

نجحت حيث يقف الإنسان في منطقتنا واعياً منتصباً قديراً قوياً غير آبه بما يحاك له ممن يتمناه أن يكون فاشلاً.

آخر الأخبار
محافظ حلب : دعم القطاع التجاري والصناعي يشكل  الأساس في عملية التعافي د. الرداوي لـ "الثورة": المشاريع الكبرى أساس التنمية، والصغيرة مكمّلة مبادرة "تعافي حمص"  في المستشفى الجامعي اندلاع أكثر من عشرة حرائق في اللاذقية وإخماد ثلاثة منها حريق يستعر في حي "دف الصخر" بجرمانا وسيارة الإطفاء بلا وقود تسريع إنجاز خزان المصطبة لمعالجة نقص المياه في صحنايا صيانة 300 مقعد دراسي في مدرسة المتفوقين بحمص صيانة 300 مقعد دراسي في مدرسة المتفوقين بحمص معالجة التعديات على عقارات المهجرين.. حلب تُفعّل لجنة "الغصب البيّن" لجنة فنية تكشف على مستودعات بترول حماة الشمس اليوم ولاحقاً الرياح.. الطاقات المستدامة والنظيفة في دائرة الاستثمار صياغة جديدة لقانون جديد للخدمة المدنية ..  خطوة مهمة  لإصلاح وظيفي جذري أكثر شفافية "الشباب السوري ومستقبل العمل".. حوار تفاعلي في جامعة اللاذقية مناقشات الجهاز المركزي مع البنك الدولي.. اعتماد أدوات التدقيق الرقمي وتقييم SAI-PMF هكذا تُدار الامتحانات.. تصحيح موحّد.. وعدالة مضمونة حلاق لـ "الثورة": سلالم التصحيح ضمانة للعدالة التعليمية وجودة التقييم "أطباء بلا حدود" تبحث الواقع الصحي في درعا نهضة جديدة..إقبال على مقاسم صناعية بالشيخ نجار وزير الخارجية اللبناني: رفع العقوبات عن سوريا يساعدها بتسريع الإعمار ترميم قلعة حلب وحفظ تاريخها العريق