الملحق الثقافي- سلام الفاضل:
يرى محمود درويش حسب ما يكتبه الدكتور عادل الأسطة أنه أي -محمود درويش- قال :
في ذروة الحرب الأهلية اللبنانية كتب محمود درويش في إحدى قصائد مجموعته « أعراس « ( ١٩٧٧ ) :
« – ستقول طالبة : ما نفع القصيدة ؟
شاعر يستخرج الألفاظ والبارود من حرفين والعمال مسحوقون في حربين . ما نفع القصيدة في الظهيرة والظلال؟
وبعد ثلاث سنوات كتب :
« لم أجد جدوى من الكلمات إلا رغبة الكلمات في تغيير صاحبها « .
يبدو أنني الآن أمر بما مر به ، فما جدوى الكتابة حقاً ؟
أمس صباحاً صفى أبناء العمومة خمسة شباب في الضفة الغربية .
وأمس سمعت إحصائية عن عدد القتلى في المجتمع العربي في فلسطين المحتلة في العام ١٩٤٨ ، فقد بلغ منذ بداية العام ٧٩ قتيلاً والحبل على الجرار .
لا اتفاقية أوسلو أوقفت القتل ، ولا النشاط الثقافي لدى الفلسطينيين في الداخل أوقف الجريمة في المجتمع ، ولا هذا وذاك حل مشكلة اللاجئين ، و « تيتي تيتي مثل ما رحت جيتي « وأوضاع الفلسطينيين في أماكن تواجدهم كافة في انحدار .
والد الشهيد أسامة صبح كفنه وأخذ يتحدث معه قائلاً له :
– طول عمرك رأسك عنيد « اللي في رأسك بدك تمشيه « ، فماذا أقول لخطيبتك التي تنتظر العرس ؟ وماذا أفعل بالعجول التي اشتريتها لذبحها يوم زفافك ؟ وقم أنظر جنازتك . الذين يحبونك ساروا فيها والذين يكرهونك ساروا فيها ليحتفل الطرفان بزفافك . الله يرضى عليك يا يابا . هذا ما قرأته تقريباً ، وأصغيت إلى الأم تتحدث بثبات عن ابنها الشهيد . هم يقتلون ونحن ننجب ونربي و … .
في العاشرة مساء كان شباب مخيم بلاطة وبلاطة البلد وعسكر البلد وربما مخيم عسكر يتجمعون على دوار الحسبة استعداداً لمواجهة المستوطنين القادمين إلى قبر يوسف / مسمار جحا .
في العام ١٩٧٣ صفى أبناء العمومة في بيروت القادة الثلاثة كمال ناصر وكمال عدوان ويوسف النجار ( عملية فردان ) وفيهم كتب محمود درويش :
« – من أي عام جاء هذا الحزن ؟
– من سنة فلسطينية لا تنتهي .
هذا هو العرس الفلسطيني ،
لا يصل الحبيب إلى الحبيب إلا شهيد أو شريد .»
وهذا بالضبط ما حدث مع أسامة صبح . كأن العام ٢٠٢١ هو العام ١٩٧٣ . لقد تشابهت كلّ الشهور تشابه الشهداء والموتى ولم تنته السنة الفلسطينية التي بدأت منذ أعدم أول ثائر فلسطيني . منذ أعدم عوض صاحب :
« يا ليل خلي الأسيرتايكمل نواحو
وظنيت إلنا ملوك تمشي وراها رجال «
مروراً بالزير وجمجوم وحجازي وشهداء كفر قاسم في ١٩٥٦ وشهداء يوم الأرض في ١٩٧٦ ، وماجد أبو شرار وعلي حسن سلامة و … و :
« هذا هو العرس الذي لا ينتهي
في ساحة لا تنتهي
في ليلة لا تنتهي « .
حقاً :
– ما جدوى الكتابة ؟
لقد بلغ السيل ما بلغ وفاض الموت والقتل و …. .
( أسامة ياسر صبح
يوسف محمد صبح
أحمد إبراهيم زهران
زكريا إبراهيم بدوان
محمود مصطفى حميدان )
العدد 1128 – 17-1-2023